للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه، وإنما الكلام في أنّ المصنف رحمه الله ترك حديث التركيب والتفريق بين التركيب والتفريق، فأمّا أن يكون اكتفاء بما قالوه مع الإشارة إليه

سابقاً حيث اقتصر على تقديره، وامّ أن يكون تركه لعدم ارتضائه له لما فيه من الخفاء، مع أنّ طيّ ذكر المشبهات غير ظاهر لأنّ المشبه في التمثيلين مصرّح به في قوله أوّلاً مثلهم، لأنّ المثل بمعنى القصة، والحال الشاملة لجميع أحوال المنافقين المشبهة إجمالاً، ولا يلزم في التفريق التصريح بالطرفين تفصيلاَ كام قالوه في اللف والنشر التقديري، على أنّ إجماله في قوّة التفصيل لقرب العهد به، فكيف يقال أنه طوى فيه ذكر المشبهات على أنه لا مانع من إبقاء الكلام على حاله من غير تقدير أصلاً، وما ذكره قدس سرّه من نية الألفاظ في التمثيلية مز تحقيقه، إلا أنّ قياسه الاستعارة على التشبيه قياس مع الفارق فإنّ المشبه يطوي ذكره كثيراً بخلاف أجزاء اللفظ المستعار، فتأييد مدعاه به غير تامّ. قوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى} [فاطر: ٩ ا] هذا من قبيل التشبيه المفرّق وهو نظير لما نحن فيه من وجهين التفريق وتكرير التشبيه، ولذا أعاد لا النافية فشبه الكافر الضال بالأعمى، والمؤمن المهتدي بالبصير، ثم شبهه مرّة أخرى فقال {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ} [فاطر: ٢٢] والظلمات والنور، الباطل والحق، والظل والحرور، الثواب والعقاب، وقيل الأعمى والبصير مثلان للصنم والله عز وجل كما سيأتي في سورة فاطر. قوله: (وقول امرىء القيس) بن حجر الكنديّ الشاعر الجاهلي المشهور من فصيدة طويلة أوّلها:

ألا عم صباحا أيها الطلل البالي وهل يعمن من كان في العصر الخالي

وهل يعمن من كان أقرب عهده ثمانين عاماً في ثماني أحوال

كأني بفتخاءالجناحين لقوة على عجل منها أطاطىءشملالي

تخطة! حران الأنيعم بالضحا وقد حجرت منها ثعالب أرآل

كأنّ قلوب الطيررطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي

وضمير وكرها لفتخاء وهي العقاب المذكور أوّلاً، وهو شاهد للتشبيه المفرد، حيث شبه قلوب الطير الطرية وقلوبها المقددة على اللف والنشر المرتب بالعناب في الشكل واللون، وبحشف التمر وهو الردىء أليابس منه، والعقاب من سباع الطير ويوصف بمحبة أكل اللحم دون قلوب الطير، وقال ابن قتيبة: قلوب الطير ألذ ما فيها فهي تأني بها لتزق فراخها ولكثرتها يبقى منها الرطب واليابس وهو الظاهر، وفي كامل المبرّد أنّ هذا البيت عند الرواة أحسن ما قيل في تشبيه شيئين مختلفين في حالين مختلفتين بشيئين كذلك، ورطباً ويابسق حالان من قلوب الطير والعامل فيهما كأنّ نها بمعنى أشبه، ولدى وكرها حال أيضا، والعناب بالرفع خبر كأنّ وهو بزنة رمّان ثمر معروف. قوله: (بأن يشبه في الأوّل ذوات المنافقين إلخ) الجارّ والمجرور متعلق بقوله يمكن أو بجعلهما وعبر بالذوات هنا، وبالأنفس فيما سيجيء تفنناً، واشارة إلى أنه لا بد منه في التشبيه المفرّق لأنهم المشبهون بالمستوقدين، وأصحاب الصيب

بخلافه على التركيب فإنّ النظر فيه إلى المجموع فلذا لم يتعرّض له وقد بيناه لك أوّلاً مع ما فيه، وقوله: وإظهارهم الإيمان بإستيقاد النار عدل، عما في الكشاف من قوله وإظهاره الإيمان بالإضاءة لما قيل من إنه اعترض عليه بأنه يخالف ما قدّمه، من أنّ المشبه بالإضاءة هو الانتفاع بالكلمة المجراة على ألسنتهم، ولا يناسب ما بعده من قوله أنّ المشبه بإنطفاء النار هو انقطاع الانتفاع، إذ المناسب له أن يشبه انقطاع الإظهار بالإنطفاء، وإن أجيب عنه بأن المراد هنا الإضاءة المتعدّية وهي ثمة لازمة، أو أراد بإظهار الإيمان أثره، وهو الانتفاع به، فمعناه شبه المنافق أي نفاقه وإظهاره الإيمان بالمستوقد أي بإسنيقاده، وشبه أثر الأوّل من الانتفاع به، فمعناه شبه المنافق أي نفاقه وإظهاره الإيمان بالمستوقد أي بإستيقاده، وشبه أثر الأوّل من الانتفاع باثر الثاني من الإضاءة، وشبه انقطاع الانتفاع بانقطاع الإضاءة، ويؤيد هذا أنّ تشبيه ذات المنافق بذات المستوقد ليس مقصوداً في الآية قطعاً، والحمل على التوطئة بعيد، فحينئذ للمستوقد إستيقاد واستضاءة وخمود نار، وللمنافق إظهار إيمان وانتفاع به، وانقطاع بالموت وغيره، وهذا زبدة ما في الشروح مما ارتضاه الشريف المرتضى قدس سرّه، وقيل للمستوقدين ذوات، وثلاث حالات الاستيقاد، واضاءة نارهم ما حولهم، وانطفاء نارهم، وكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>