للمنافقين ذوات وثلاث حالات فإظهار الإيمان بإزاء الاستيقاد، وحقن الدماء وسلامة المال والأولاد، ونحوها من المنافع الحاصلة بإظهار الإيمان بإزاء الإضحاءة، وزواله بإزاء إنطفاء النار فشبهت الأربعة بالأربعة، ووجه الشبه في الأوّل الوقوع في حيرة ودهشة، وفي الثاني التسبب لحصول المراد، وفي الثالث كونه خيراً لمباشر الفعل، وفي الرابع الفناء بسرعة، والمصنف رحمه الله شبه إظهار الإيمان بالإستيقاد، والزمخشريّ بالإضاءة، وقد قيل عليه أنّ الظاهر أن يشبه إظهار الإيمان بالاستيقاد والانتفاع بالإضاءة كما مرّ، ولذا عدل عنه المصنف وربع القسمة إلا أنه شبه زوال اننفع بإطفاء النار، والمناسب أن يجعل المشبه الإزالة والمشبه به الإنطفاء.
٦هول لا يرد ما أورده بعد النظر التامّ ولا مغايرة بين ما ذكره المصنف رحمه الله، وبين ما
في الكشاف إلا باختلاف العبارة، وهما في الما! واحد، وتوضيحه أنّ المستوقد هنا بمعنى الموقد، وإيقاد النار إشعالها بحطب ونحوها ويترتب عليه إضاءتها أي جعلها أو كونها مضيثة منتشرة الضوء، ويترتب على هذا الاستضاءة التي هي أثرها، ومطاوعها وهي عين الانتفاع بها، ثم تضمحل النار والنور، ويبدّل الخير بالشرور، وهذا ما في جانب المشبه به، وفي المشبه على ترتيبها المنافق ينطق بقوله ولمنا} وكلمة الشهادة، فيترتب على نطقه إظهار إيمانه بدلالة فحواها، ثم يترتب على هذا الإظهار الانتفاع بصيانة الأموال والدماء ونحوها، ثم ينقلب نفعه ضرّاً بافتضاحه واستحقاقه العقاب في الدارين فتخيب آماله، وتنعكس أحواله، فإذا عرفت هذا
ظهر لك بلا اشتباه أنّ إظهار إيمانه في لحقيقة بدلالة الكلمة المجراة لا أنه نفسها، والمشبه بالإيقاد حقيقة إجراء الكلمة، فالمشبه بالإضاءة إظهار الإيمان كما في الكشاف، إلا أنه لقرب الإيقاد من الإضاءة وتلازمهما يجوز أن يقال شبه إظهار الإيان بالإيقاد، والانتفاع بالإضاءة، وان كان استضاءة لأنهما كشيء واحد كما قيل في التعليم والتعقم، فسقط ما أورد على المصنف رحمه الله في الإطفاء والانطفاء، والعجب مما توهم من منافاة قول الزمخشريّ هنا شبه إظهار الإيمان بالإضإ ءة لقوله: أوّلاً المراد ما استضاؤوا به قليلاً من الانتفاع بالكلمة المجراة على ألسنتهم، وبين الاستضاءة والإضاءة بعد ما بين المشرقين، والباء في قول المصنف رحمه الله بإهلاكهم سببية متعلقة بزوال، وفي قوله بإطفاء متعلقة بيشبه السابق لا بمثله مقدرا ولا بإبقاء. قوله:(وفي الثاني أنفسهم بأصحاب الصيب إلخ) معطوف على قوله في الأوّل، وأنفسهم بالرفع معطوف على قوله ذوات أ، ئب فاعل يشبه المجهول، وبأصحاب معطوف على قوله بالمستوقدين، وأصحاب إشارة إلى ذوي المقدّر، وقوله حذراً إلخ، لنكايات جمع نكاية من نكأت بالهمز، ونكيت معتل الآخر وهي ما يؤلمهم ألماً شديدا، وطرق يطرق من باب كتب إذا أتى ليلاَ، والمراد به ما يصيب الكفرة من الإذلال والإهلاك، فشبه حذرهم منهم بسدّ الآذان للإتقاء به، وقوله (من حيث إلخ) هو وجه الشبه، وانتهزوها بالزاي المعجمة بمعنى اغتنموها وبادروا لها بسرعة، وفرصة كغرفة أصل معناه النوبة والشرب، ثم شاع في كل مطلوب يبادر له خثية فواته وهو منصوب على الحال أو التمييز، أو هو مفعول ثان لانتهز بتضميته معنى التصيير والإيجاد، وأصل معنى الانتهاز الدفع، ثم قيل انتهز بمعنى نهض وبادر، وخطا بضم الخاء مقصور جمع حظوة، ومتقيدين مجاز أو كناية بمعنى واقفين، وحراك بفتح الحاء المهملة بمعنى حركة، وقوله: خفقة بمعنى لمعة، وخفي بمعنى فتر هنا من خفي البرق كرمى إذا لمع بضعف، وفي قوله: يمكن إشارة إلى مرجوحية التفريق بالنسبة إلى التركيب لأنه أبلغ كما صرّح به الشيخ ويس هـ من أهل المعاني. قوله:(وقيل شبه الإيمان إلخ) هذا تفسير لقوله {أَوْ كَصَيِّبٍ} إلخ على أنّ التشبيه مفرّق أيضاً وقائله قيل: إنه الراغب في تفسيره، وقريب منه ما اختاره السمرقنديّ رحمه الله تعالى فقال: جعل الدعاء إلى الإسلام كالصيب وما فيه من الجهاد
كظلمة الليل، وما فيه من الغنيمة كالبرق، إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام دعاهم إلى الإسلام الذي هو سبب المنافع في الدارين حقيقة بمنزلة الصيب الذي هو سبب المنفعة حقيقة إلا أنّ في الإسلام نوعاً شديداً من الجهاد والحدود وغيرها، بمنزلة ظلمة الليل والسحاب، وصوت الرعد مع الصيب، وفي من الغنيمة والمنافع كالبرق هناك، فجعل المنافقون أصابعهم في آذانهم من سماع ما في