وحرم ذوقها هؤلاء المنافقون كما أريناكه آنفاً فهم تحت سماء مغدقة على رياض مخصبة، وقد أحدثوا فانتجعوا بصرفهم الحواس عن أعمالها فيما حقها أن تصرف له وجعلها كالعدم، فنعى الله ذلك عليهم وقال: إنهم تعاموا وتصاموا عمن لو شاء أعماهم وأصمهم حقيقة، وقوله با احالة إلخ المراد بها الصمم والبكم والعمى، وضمير يجعلونها للأسماع والأبصار، وضمير جعلهم مفعول أوّل، وبالحالة مفعول ثان، أي ملتبسين بها، أو ظرف لغو متعلق به، وقد جوّز في يجعلونها أن يبني للفاعل وللمفعول، فقيل: إن التنبيه من كلمة لولا الامتناعية وظاهره أنّ قوله {وَلَوْ شَاء} إلخ في شأن المنافقين، والظاهر أنه تتميم لأصحاب الصيب الممثل بهم، ويجعلون على البناء للمفعول، وضمير المفعول للحالة والاً لزم الاقتصار على أحد مفعولي جعل الذي هو من أفعال القلوب، والمعنى بالحالة ال! ي يجعلون لأنفسمهم تلك الحالة على أن يكون تعلق الجعل بالمفعول الأوّل القائم مقام الفاعل، أو بالثاني. والمراد به الحالة التي هم عليها على الحذف، والإيصال وفيه تكلف، أو! لى البناء
للفاعل وهو الظاهر، والمعنى الحالة التي يفعلونها فحينئذ لا يكون الجعل من أفعال القلوب، ولا يلزم المحذور المذكور، اهـ وفيه ما لا يخفى فإنّ التنبيه إنما هو من التذييل يهذه الجملة لا من لو، وجعل يجعلى مبنية للفاعل وليست مما يتعدّى للمفعولين بل لواحد، وهو كثير فيها لأن لها معاني، فتكون بمعنى اعتقد، وبمعنى صير، وهي على هذا ملحقة بأفعال القلوب، وأمّا بمعنى أوجد وأوجب فيتعدّى لواحد، وهو المراد هنا فلا حاجة لما ارتكبوه من التعسف. تم. تنم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني أؤله فوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} .