للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويرد فيما يعمله المرء لنفسه والاستعمال فيما يعمله بواسطة غيره، والحاصل أنّ الصيغة لما دلت على زيادة معنى وهو الاعتمال والانجذاب إليه وردت في الشر إشارة إلى ما جبلت عليه النفوس واستعمل مقابلها في الخير لعدم ذلك فيه، وقال ابن الحاجب: إنه يدل على زيادة لطف من الله في شأن عباده إذ أثابتهم على الخير كيفما وقع ولم يجزهم على الشر إلا بعد الاعتمال والتصرّف وهو قريب مما ذكروه هنا. قوله: (أي لا تؤاخذنا بما أذى بنا الخ الما كان الخطأ والنسيان غير مؤاخذ عليهما فلا يظهر وجه الدعاء بعدم المؤاخذة أوّلوه بوجوه، أحدها: أنّ المراد لا تؤاخذنا بتفريط واغفال يفضي إلى خطأ أو نسيان وذلك التفريط فعمل لهم قد يؤاخذ به وان لم يكن ذنبا في نفسه لما يترتب عليه. قوله: (أو بأنفسهما الخ) أورد عليه أنه إنما يتم على القول بأنّ

التكليف بغير المقدر وجائز عقلاً غير واقع فضلاً من الله والا فلا يكون ترك المؤاخذة على الخطأ والنسيان فضلا يستدام ونعمة يعتد بها والمحققون من أهل السنة والمعتزلة على خلافه واك زامه، وأنّ الجواب الأوّل مبنيّ على المشهور وهذا على خلافه أسهل من الجواب بأنّ غير المقدر وهو نفس الخطأ والنسيان وليس الكلام في المؤاخذة عليه بل على الفعل المترتب عليه كقتل مسلم ظنه غير معصوم ونحوه مما يكون ترك المؤاخذة عليه فضلاً من الله تعالى والعزيمة القصد المصمم، وقوله: فيجوز الخ فهو على أسلوب قوله تعالى: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [سورة الفاتحة، الآية: ٥، أو أنه من باب التحدث بالنعمة اعتناء بها كما قال تعالى. {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [سورة الفحى، الآية: ٠ ا] قال الطيبي: وهذا تكلف، وقد روي في مسلم أنّ هذه الآية ناسخة لقوله: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ} أسورة البقرة، الآية: ا] الآية فكما أنّ الخطرات والوساوس محلها النفس كذلك معدن النسيان والخطأ النفس فلم يكن النسيان والخطا متجاوزا عنها عقلا بل نقلاً، وفي الانتصاف رفع المؤاخذ بهما عرف بالسمع لقوله ىلمج! هـ: " رفع عن أمتي الخطأ " الخ فلعل رفعهما كان إجابة بهذه الدعوة وقد روي أنه قيل له: عند كل دعوة قد فعلت وأنما المعتزلة يذهبون إلى استحالة المؤاخذة بذلك عقلاً بناء على التحسين والتقبيح أص. قوله: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) وما أكرهوا عليه وفي رواية وما استكرهوا عليه كذا وقع في كثير من الكتب وقد أخرجه الطبرانيّ في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقال السبكيّ: قال محمد بن نصر ليس له إسناد يحتج به، وكذا قال غيره وقال النووي رحمه الله: إنه حديث حسن وفي سنن ابن ماجه بدل رفع وضع وهما متقاربان وسئل أحمد بن حنبل عنه فقال لا يصح: ولا يثبت إسناده وقال من زعم أنّ الخطأ والنسيان مرفوعان: فقد خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنّ الله أوجب في قتل النفس خطأ الكفارة وفيه نظر. قوله: (عبأ) كحملا لفظا ومعنى بعين مهملة وباء موحدة وهمزة بين وجه اشتقاقه وأصل معناه بما ذكره وقوله: للمبالغة فعل يجيء للتكثير والمبالغة نحو قطعت الثياب وللتعدية وقتل الأنفس في التوبة أو في القصاص لأنه كان لا

يجوز غيره في شريعتهم وقطع موضع النجاسة من الثياب ونحوها، وقيل: من البدن وقوله: وخمسين صلاة قال السيوطي رحمه الله تعالى: هذا لا أصل له وإنما الثابت في الأحاديث أنّ عليهم صلاتين، وقوله: من البلاء والعقوبة الخ ناظر إلى أوّل تفسيري قوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} وقوله: أو من التكاليف إلى ثانيهما وقوله: فيكون صفة الخ أي على التوجيه الثاني وأمّا على الأوّل فصفة مصدر محذوف كما أشار إليه وفي كون توبتهم بقتل أنفسهم كلام في التفاسير. قوله: (وهو يدل على جواز التكليف الخ) أي والا لم يكن لهذا الدعاء فائدة وأجيب بأنّ المراد به ليس هو التكليف الشرعي بل إنزال العقوبات التي نزلت بمن قبلنا لتقصيرهم، وأجيب أيضا بأنّ المراد التكليف الشاق الذي يشبه بما لا يستطاع أصلا وضعف بأنه يكون تكريرا لما سبق من قوله: لا تحمل علينا إصرا والفائدة الجديدة أولى وفي شرح المقاصد تمسك بهذه الآية على جواز التكليف بما لا يطاق ودلالته على الجواز ظاهرة وأما على الوقوع فلأنّ الاستعاذة إنما تكون عما وقع في الجملة لا عما أمكن ولم يقع أصلاً، والجوإب أنّ المراد به العوارض التي لا طاقة بها لا التكاليف اص. قوله: (وامح ذنوبنا) فيه إشارة إلى الفرق بين العفو

<<  <  ج: ص:  >  >>