والمغفرة وتأخير الرحمة ووجهه ظاهر من تفسيره وفسر المولى بالسيد وترك تفسيره بمن يتولى أمورهم كما في الكشاف وقوله: فإنّ الخ إشارة إلى وجه الترتب بالفاء وفسر الكافرين بأعدائهم في الدين المحاربين لهم لمناسبته للنصرة وجوّز أن يعم جميع الكفرة. قوله:(روي أنه صلى الله عليه وسلم لما دعا الخ) قيل الظاهر أنّ المراد بدعائه بهذه الدعوات قراءته لهذه الآيات ويحتمل أن يكون قد دعا بها فنزلت هذه الآية حكاية لها، وقيل: الأوّل هو الوارد في الأحاديث الصحيحة " والثاني ورد بمعناه " حديث مرسل أخرجه ابن جرير، والنكتة في صيغة الجمع أنّ للاجتماعات تأثيرات وبركات ولإرادة العبد خبراً بأخيه أثراً في استنزال الخيرات، وقوله:" كفتاه) أي عن قيام تلك الليلة وقيل: " كفتاه " المكروه، وقوله: من كنوز الجنة تمثيل لما فيها
من كثرة الخير والبركة والثواب، وكذا الكتابة باليد تمثيل وتصوير لإثباتهما وتحققهما وتقديرهما بألفي سنة عبارة عن قدمهما لا للتحديد. قوله:(وهو يرد الخ) قال النووي رحمه الله تعالى في كناية الأذكار: نقل عن بعض المتقدمين أنه كان يكره أن يقال سورة البقرة وسورة الدخان والعنكبوت وشبه ذلك وإنما يقال السورة التي يذكر فيها البقرة وهكذا وهو خطأ فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة " آيتان من آخر سورة البقرة " الحديث وأشباهه كثيرة لا تحصى اهـ. قلت قد مر أنّ المنع من ذلك صح عنهم والاستعمال أيضا صحيح بلا شبهة ولا خطأ فيه وإنما المنع كان في صدر الإسلام لما استهزأ سفهاء المشركين بسورة العنكبوت ونحوها فمنع منه دفعاً لطعن الملحدين ثم لما استقر الدين وقطع الله دابر القوم الظالمين شاع ذلك وساغ والشيء يرتفع بارتفاع سببه، وقوله: " فسطاط القرآن " الفسطاط بضم الفاء وكسرها هو الخيمة أو المدينة الجامعة أو الأوّل أصله وهذا منقول منه سميت بذلك لاشتمالها على معظم أصول الدين وفروعه وللإرشاد إلى كثير من أمور المعاس والمعاد، وسميت السحرة بطلة جمع باطل لانهماكهم في الباطل أو لبطالتهم عن أمر الدين ومعنى عدم استطاعتهم أنهم مع حذقهم لا يوفقون لتعلمها أو لتأمل معانيها أو العمل بما فيها، وقيل: لن يستطيعها إذا قرئت فإنها تهزمهم وتبطل سحرهم وشرهم وقيل: إنها من المعجزات التي لا تقدر السحرة على معارضحتها كغيرها من المعجزات المحسوسة، وقيل: المراد بالسحرة البلغاء كما في قوله: " إنّ من البيان لسحرا " وهو بعيد اللهم وفقنا للوصول إلى هذا الفسطاط واجعلنا ممن استظل بظل عنايتك ورحمتك ويسر لنا خيري الدنيا والآخرة واجعل القرآن ربيع قلوبنا وجلاء أسماعنا ونزعة أرواحنا ويسر لنا إتمام ما قصدناه بإحسانك يا أرحم الراحمين وصل وسلم على نبيك المنزل عليه وعلى آله وأصحابه وأهل بيته آمين.
تتا الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث أوّله سورة آل عمران