الضرورة وأن خالفه في الإيضاح، والذي أوقع الزمخشري فيه إنه هو الذي كانوا عليه ولم يكونوا في الحفرة حتى يمتن عليهم بالإنقاذ منها وقد مرّ أنهم كانوا صائرين إليها لولا الإنقاذ الربانيّ فبولغ في الامتنان بذلك كما قيل من رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وبهذا اندفع قول أبي حيان رحمه الله؟ لا يحسن عوده إلا إلى الشفا لأنه المحذث عنه والشفا الطرف ويضاف إلى الأعلى كشفا جرف هار والأسفل كما هنا واعلم أنّ الأصل أن يعود الضمير على المضاف إذا صلح لكل منهما ولو بتأويل، ويجوز عوده على المضاف إليه مطلقا عند صاحب الانتصاف، وقال الواحديّ: إنه يعود عليه بشرط كونه بعضه أو كبعضه كقول جرير:
أرى مرّ السنين أخذن منيّ
وقول العجاج:
طول الليالي أسرعت في نقضي
فان مرّ السنين وطول الليالي من جنسها وكذا ما نحن فيه. قوله:(مثل ذلك التبيين) يعني
أن الجارّ والمجرور نعت لمصدر محذوف أو حال مضمرة أي يبين لكم تبييناً مثل تبيينه لكم الآيات الواضحة، وقد مرّ تفصيله في البقرة وإنما أوّل الهداية بالنبات أو الزيادة لأنّ الخطاب للمؤمنين، ومرّ الكلام فيه في الفاتحة، وقيل الثبات من المضارع المفيد للاستمرار والزيادة من صيغة الافتعال وقوله:(١ رادة الخ) إشارة إلى أنه للتعليل وليس للترجي لاستحالته عليه تعالى، ومز تحقيقه في أوّل البقرة والكلام فيه. قوله:(من للتبعيض الخ) يعني أنّ فرض الكفاية يقع لي الخارج من البعض فلذا أتى بمن التبعيضية لا أنه يجب على البعض من غير تعيين فإنّ المختار أنه يجب على الكل كما سيصرح به ويسقط بفعل البعض فلو ترك أثم الجميع ولا معنى للرجوب عليهم سوى هذا، إذ لو وجب على البعض لكان الآثم بعضاً مبهمأ وهو غير معقول لخلاف الإثم لواحد مبهم كما في الواجب المخير، وأمّا أنّ له شرائط فلا تنافي الوجوب لأنّ عليهم تحصيلها، ولهذا ذهب بعضهم إلى أنّ من للبيان على هذا القول، والاحتساب النظر في أمور الناس العامّة كالحسبة وهي معروفة. قوله:(خاطب الجمع وطلب فعل جضهم الخ) خاطب الكل لأنه واجب عليهم كما مرّ، وطلب فعل بعضهم لقوله منكم فلا يتوهم مما مضى انه واجب على البعض غير معين كما ظنه بعض شراح الكشاف وتبعه هنا بعض أرباب الحواشي " ن قلت إنّ هذا الخطاب لا يفيد الوجوب على الكل لأنّ معناه أنه يجب على بعضكم الأمر
! النهيئ، وهدّا صريح في أنه يجب على البعض قلت قد مرّ ما يدفعه لأنّ الوجوب على بعض محير معين لا يعقل فتعين الوجوب على الكل والتبعيض إنما هو يالنسبة للقيام به، فتأمّل وقوله:
ر أساً أي جميعاً مجاز. قوله:) أو للتبيين الخ (قال العلامة: في شرح الكشاف اختلف ا، صوليون في أنّ الواجب على الكفاية هل هو واجب على جميع المكلفين ويسقط عنهم بفعل سضهم أو على بعض غير معين، ولما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض
الكفايات فمن ذهب إلى أنها على بعض غير معين قال: من هنا للتبعيض ومن ذهب إلى أنها على الجميع قال من للتبيين وهي تجريدية أخرج من الكل كما يقال لفلان من أولاده جند وللأمير من غلمانه عسكر يراد بذلك جميع الأولاد والغلمان، ومما يدل على أنّ من للتبيين أنّ الله تعالى أثبت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لبهل الأمّة في قوله:{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}[سورة آل عمران، الآية: ١٠ ا] الخ ومنه تعلم وجه جعلها بيانية واختيار ذكر منكم على تركه الأخصر، وأمّا التبعيض السابق فبالنسبة إلى فعله فإنه من البعض لا إلى الوجوب، ومن لم يفهم معزاه قال إنه خطأ إذ غير عبارة الكشاف وانّ أوّل كلامه لا يناسب آخره فتأمّل. قوله: (وعطف الأمر بالمعروف الخ) يعني أنه من عطف الخاص على العامّ للنكتة المعروفة فيه، وفي النهي أيضا دعوة إلى الخير، وهو الكف عن المنكر، وقيل عليه ليس الآية منه لأنه ذكر بعد العام جميع ما تناوله إذ الخير المدعو إليه إمّا فعل مأمور أو ترك نهي لا يعدو واحدأ من هذين حتى يكون تخصيصهما بتمييزهما عن بقية المتناولات فالأولى أن يقال إنه ذكر الدعاء إلى الخير عاما ثم مفصلاَ لمزيد العناية به إلا أن يثبت ما يخص الأمر بالمعروف والضهي عن المنكر ببعض أنواع الخير، ولا أرا. ثابتاً وعلى ما فسر به المصنف رحمه الله مما يشمل أمور الدنيا وإن لم يتعلق بها أمر ونهي لا يرد عليه ما ذكر، وفيه نظر لأنه يكون حينئذ أعمّ من فرض الكفاية. قوله:(المخصوصون بكمال الفلاح) إشارة إلى الحصر المستفاد من الفصل