{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}[سورة البقرة، الآية: ٢٣٣] قال الكواشي: لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله من يقوي لهذا فنزل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} والمصنف رحمه الله رأى أن الثانية مبينة للأولى إذ لا مخالفة بينهما فلا تكون ناسخة، ومن قال به جنح إلى أن المراد من حق تقاته ما يحق له ويليق وتقوي الله حق تقواه أي كما هو حقه غير ممكنة فتكون الآية الأخرى ناسخة لها فإن صح الحديث السابق وتعين أن المراد ما ذكر فلا كلام وان فسرت بما يجب مما أوجبه الله علينا وهو لا يكلفنا بما لا يطاق لا تكون منسوخة، وقوله: وعن ابن مسعود رضي الله عنه هكذا هو مروقي في التفاسير وكتب الحديث وصححه أبو نعيم في الحلية ووقع في نسخة بل ابن مسعود ابن عباس رضي الله عنهما وهو مخالف للمنقول، والمراد بالالتفات إلى الطاعة الاغترار بها ووجه التأكيد ظاهر. قوله:(وأصل تقاة وقبة الخ (أي هو مصدر على فعلة كتؤدة بمعنى التثبت من اتأد في مشيه وأمره والتخمة امتلاء المعدة قيل ولا
حاجة إلى جعل قلب الواو تاء لضمها لأنها قلبت في اتقى يتقي ولا ضمة ولتوهم أصالتها لكثرة استعمالها ثبتت هنا. قوله: (ولا تكونن على حال الخ) يعني أن المقصود بالمنهي عنه عدم الإسلام وهو الكفر عند الموت والإسلام حال الموت يقتضي وجوده قبله فالمعنى استمرّوا ودوموا عليه، والموت ليس بمقدور لهم حتى ينهوا عنه وقد مرّ تحقيقه في البقرة، وما ذكر. من القاعدة في النفي والنهي أمر مقرّر كما مر. قوله:(بديته ال! ! م الخ) جوّز في الكشاف أن لكون استعارة تمثيلية على تشبيه الحالة بالحالة من غير اعتبار مجاز في المفردات أو الحبل استعارة للعهد الدّي يتمسك به الاعتصام اسنعارة للوثوق بالعهد أو ترشيحاً لاستعارة الحبل، والمعنى اجتمعوا على استعانتكم بالله أو على التمسك بعهده، وجوّز فيه المكنية أيضاً والمصنف رحمه الله ذهب إلى الثاني، وجعل المستعار له الدين أو القرآن لما وقع في الحديث من تسميته حبل الله المتين وخالف الزمخشريّ في جعل الترشيح مقابلا للاستعارة بناء على انه لا تنافي بينهما إذ يكفي في الترشيح أن يكون اللفظ مناسباً له وان كان المراد به معنى لا يرشحه ولكل وجهة، والتردّي تفعل من تردّى إذا وقع في هوّة كالبئر وقوله:(مجتمعين) إشارة إلى أنه حال من الفاعل كما هو الظاهر المتبادر فيكون قوله: {وَلاَ تَفَرَّقُواْ} تأكيد وقوله: (عن الحق) أي دين الإسلام السابق أو لا يقع بينكم شقاق وحروب، كما هو مراد المذكرين لكم لايام الجاهلية الماكرين بكم. قوله:(التي من جملتها الخ) ويحتمل أن المراد بها ما بينه بقوله: {إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء} أي {وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ} التي هي تبديل عداوتكم بالمحبة والأخوّة ونجاتكم عن نار جهنم بالعدوان وقطع الرحم فلا تضيعوها. قوله:(متحابين الخ) يشير إلى أن الأخ إذا جمع على إخوان كان بمعنى المحب الصديق وقد يكون جمعاً لأخي النسب وكان قوله: إشارة
إليه قال في الإتقان الأخ في النسب جمعه إخوة وفي الصداقة إخوان قاله ابن فارس: وخالفه غيره وأورد في الصداقة إنما المؤمنون أخوة وفي النسب أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بيوت إخوانكم انتهى، فهو الأكثر وقوله: مشفين أي مشرفين وقد تقدم تحقيقه وحمل النار على نار جهنم وحملها على نار الحرب بعيد، وقوله: على تلك الحالة أي الكفر وفي نسخة في تلك الحالة. قوله:(والضمير للحفرة أو للنار الخ) اقتصر الزمخشريّ على الأخير فقال الضمير للشفا وهو مذكر وإنما أنث للإضافة إلى الحفرة وهو منها كما قال:
كما شرقت صدر القناة من الدم
يعني أن المضاف اكتسب التأنيث من المضاف إليه كما في شعر الأعشى المذكور وهو يكتسبه منه لا مطلقاً بل كما قال العلامة: إذا كان بعضاً منه كصدر الفتاة أو فعلا له أو صفة وما نحن فيه من الأوّل والمصحنف رحمه الله ترك تقييده وزاد تأويله بالمؤنث لكونه بمعنى الشفة وجوّز وجهين آخرين، والداير للزمخشرفي على ما صنعه أن الضمير يعود على المضاف لا المضاف إليه إذ هو غير مقصود لذاته حتى يرجع عليه الضمير وغيره لا يسلمه، وفي الانتصاف المعنى على عوده إلى الحفرة لأنها التي يمتن بالإنقاذ منها حقيقة، وأما الامتنان بالإنقاذ، من الشفا فلما يستلزمه غالباً من الهوي إلى الحفرة فيكون الإنقاذ منه إنقاذا منها لكن الأوّل أبلغ وأوقع مع إنّ اكتساب التأنيث من المضاف إليه عذه أبو عليّ رحمه الله في التعليق من