للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمحامد الغير، وانما الموجود في كل حمد حمده، وأيضا حمل الحمد على المحمدة، قيل إنه لا يفيد لأنّ الكلام في الحمد بمعناه الحقيقيّ لا بمعنى المحمدة، والأولى أن يقال الحصر بناء على عدم الاعتداد بحمد العبد باعتبار كسبه، وأيضاً قوله ويأباه قوله في الحقيقة ليس بمسلم على ما مرّ من معناه.

(أقول) ما ذكره المصتف هنا برمّته مأخوذ من الإمام وقد قدم طرفا منه في تفسير لفظ الرحمن زحاصله أنّ كل ما هو في الوجود موجود مما هو ممدوح ومحمود صفات وأفعالاً بخلقه تعالى ابتداء أو بوسط كلا وسط، إذ هو خالق لفاعله وممكن له من فعله وموجد لدواعيه، وهذا لا ينكره أحد من العقلاء فإنّ إنكاره تعطيل فحينئذ إذا حصر الحمد فيه، وقيل إنه لا يحمد سواه نظراً لهذا أي ضير فيه، وهذا مما يجري في المقام الخطابي ادّعاء ومبالغة لا سيما إذا انسلخت الأخبار من الخبرية إلى الإنثاء، فإن أراد هؤلاء أنه لا يتأتى باعتبار اللغة، وعرف التخاعب حقيقة فقد وقع في كلامهم مرّة بعد أخرى ما يدفعه، فتذكره ولا تكن من الغافلين، وأمّا كون ما ذكره في سورة سبأ مما ينافيه مع أنه صريح فيه فغنيئ عن الجواب. وقوله: " ذ الحمد إلخ) تعليل للاستغراق، وأفرده بالتعليل لأنّ الجنس معنى ظاهر أصليّ وما جاء على الأصل مستغن عن بيان وجهه وعلته كما قيل ويحتمل أنه تعليل لهما أي لم يجعل لفرد معين لما ذكر، والأوّل هو الظاهر، والمولى بضم الميم وكسر اللام كالمعطى زنة ومعنى،

فالوسايط بمنزلة الشروط والآلات ولا مؤثر سواه، وهو مذهب المشايخ والحكماء أيضاً كما في الإشارات قوله: كما قال تعالى {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} [النحل ٥٣] ) ذكر. مؤيد الكون كل خير منه إذ لا فرق بين الخيرات المتعدية والقاصرة أو أنعم هنا بمعنى أعطاه الله وأوجده مطلقا وفي هذه الآية إشكال سيأني في كلام المصثف دفعه قال ابن الحاجب في إيضاح المفصل: الشرط وما شبه به الأوّل فيه شرط للثاني نحو أسلم تدخل الجنة وهنا على العكس، وهو أنّ الأوّل استقرار النعمة بالمخاطبين، والثاني كونها من الله عز وجل، ولا يستقيم أن يكون الأوّل فيه سببا للثاني لكونه فرعا عته، وتأويله أنّ الآية جيء بها لإخبار قوم استقرّت بهيم نعم جهلوا معطيها وشكوا فيه فاستقرارها مشكوكة أو مجهولة سبب للإخبار بكونها من الله عز وجل، وجواب الشرط جملة قصد تبيين مضمونها، أو الإعلام بها فيصير الشرط سبباً للمشروط ومن ثمة وهم من قال إنّ الشرط قد يكون مسببا انتهى قيل: ويمكن أن يقال وجود النعمة بهم سبب لكونها من عند الله إذ كونها من عند الله متوقف على أصل الكون، وقد ذكر الرضى أنّ الشرط يدلّ على لزوم الجزاء للشرط ولا يخفى ما فيه من التعسف، وما نقله عن الرضى هو ما قال ابن الحاجب إنه وهم وسيأتي فيه كلام في محله قوله: (وقيه إشعار إلخ) أي في قوله الحمد لله، أو في إثبات الحمد له، وهو من اعتبار الاختيار فيه، ولذا قيل إنّ فيه إشارة إلى إيثار الحمد على المدح أيضا لا في اختصاص جميع المحامد به تعالى كما توهم لما فيه من التكلف، وقيل بل فيه إشعار بثبوت جميع الكمالات له تعالى، إذ يفهم منه اختصاص جميع أفراد الحمد، وكل كمال يصلح لأن يقع في مقابلة حمد، فالمستحق لجميع المحامد متصف بجميع الكمالات، والإشعار الذي ذكره بناء على أنّ المحمود لا بذ له من أن يكون مختاراً، والمختار يتصف بتلك الصفات، وقدرته تعالى عند أهل الحق كونه بحيث يصح منه صدور الفعل وعدم صدوره بالقصد، والقدرة في الحيوان مصححة للفعل وعدمه، وارادته تعالى صفة مخصصمة لأحد المقدورين، وقيل هي في الحيوان شوق يؤدّي إلى حصول المراد، وقيل إنها مغايرة للشوق إذ هي ميل اختياريّ، والشوق ميل طبيعي، وإرادة الله عند الحكماء علمه بنظام الكل على الوجه الأكمل، فإنّ العلم عندهم من حيث أنه كاف، ومرجح لطرف وجوده على عدمه إرادة، والحياة في الحيوان صفة تقتضي الحس والإرادة، وحياة الله عند المتكلمين صفة مصححة للقدرة والإرادة وتال الحكماء الحيّ الدرّاك الفقال وفي إشعار الحمد باتصافه بالحياة والعلم والقدرة، والإرادة على مذهب المتكلمين نظر إلاً أن يقال الحمد مشعر بأصل الإتصاف، وكيفيته معلومة من خارح، والحق أنه يفهم من اتصاف إنسان ما بالاختيار اتصافه بهذه الصفات، فمن يعتقد اتصافه بالاختيار أيضا يعتقد تلك الصفات في حقه لكن مع سلب النقائص الناشئة عن انتسابها إلى الإنسان، واليه أشار

<<  <  ج: ص:  >  >>