للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو ادّعا أو بدل الافتقار بالحدوث، وضم إلى الإمكان كان أظهر إلا أنه يبقى ما الداعي للمصنف إلى تعبيره بما ذكر حتى احتاج إلى التاويل والتبديل فتدبر ثم إنّ هذه النكتة مصححة للإطلاق لا موجبة حتى يقال إنه يلزمه أن يطلق على الأشخاص لجريانها فيها. قوله: (وإنما جمعه إلخ) في الكشاف، فإن قلت لم جمع قلت ليشمل كل جنس مما سمى به انتهى. وفي شرحه للمحقق يعني أنّ الإفراد هو الأصل وهو مع اللام يفيد الشمول بل ربما يكون أشمل، وتوجيه الجواب أنه لو أفرد ربما يتبادر إلى انفهم أنه إشارة إلى هذا العالم المشاهد بشهادة العرف أو إلى الجنس والحقيقة لظهوره عند عدم العهد، فجمع ليشمل كل جنس سمى بالعالم لأنه لا عهد، وفي الجمع إشارة إلى أق القصد إلى الإفراد دون الحقيقة وما زعموه من إبطال الجمعية إنما هو حيث لا عهد ولا استغراق، وما قيل من أنه لو أفرد ما دل على أجناس مختلفة تشملها الربوبية فجمع ليدل على ذلك، كالطهارات معناه أنه موضوع للأجناس، فدل جمعه على عموم الأجناسق بخلاف ما لو أفرد فانه ربما يكون لعموم أفراد جنس واحد لكنه إنما يتتم إذا صح إطلاق العالم على فرد كزيد وكون استغراق الفرد إشمل يأني مفصلاً في محله.

وقال قذس سرّه: إنّ معناه أنّ الإفراد هو الأصل الأخف ولو أفرد مع اللام توهم أن القصد إلى استغراق الإفراد فزال التوهم بلا شبهة، وما قاله الشارح مردود أما أوّلاً فلأنّ المقام يقتضي ملاحظة شمول آحاد الأشياء المخلوقة كلها كما يشهد به قوله هنا مالكاً للعالمين لا يخرج منهم شيئء من ملكوته، وقوله في تفسيره {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٨ ا] نكر ظلما وجمع العالمين على معنى ما يريد شيئا من الظلم لأحد من خلقه، وقد اتضح لك وجه الشمول وأمّا ثانياً فلأنّ المقابل للعالم المشاهد هو العالم الغائب فإذا أوهم الإفراد القصد لأ الأوّل ناسب أن يثني ليتناولهما معاً، فانّ الكل مندرج فيهما قطعا، وهذا يدل أنّ الجمعية باقية في الجمع المعزف باللام إذا أريد بها الاستغرأق، فالحكم على

جماعة جماعة ولا يلزم عدم شمول الحكم لكل فرد لأنه لو خرج عنه فرد فهذا الفرد مع كل فردين آخرين جماعة لم يثبت لها الحكم، سواء ثبت لبعضهم أم لا، فلا يصح الحكم بشمول ذلك الحكم لكل جماعة لاستلزامه الثبوت لكل فرد، واعتراض الفاضل على كون الحكم على كل جماعة باستلزامه التكراو في مفهوم الجمع المستغرق لأنّ الثلاثة مثلاً جماعة مندرجة فيه بنفسها، وهي جزء من الأربعة والخمسة، وما فوقها فيندرج فيه أيضاً في ضمنها بل نقول الكل من حيث هو كل جماعة، فيكون معتبراً في الجمع المستغرق، وما عداه من الجماعات مندرج فيه، فلو اعتبر كل واحدة منها كان أيضا تكرارا محضاً مدفوع بأنه لو لزم ما ذكر لزم أيضاً في مثل قوله تعالى {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: ٥٣] وقوله {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ} [التوبة: ٢٢ ا] وأن لم يلزم منه فساد فتدبر وأيضا إن كان مراده لزوم التكرار له ذهنا، فهو ممنوع إذ المفهوم منه أمر مجمل ليس فيه ملاحظة فرد مما صدق عليه أصلاً فضلاً عن تكراره، وكذا إن أريد لزمه خارجاً لأنّ ثبوت الحكم فيه لكل جماعة ولكل فرد واحد لا يتفاوت بأيّ عبارة يعبر بها عنه بلا مرية.

أقول العالم اسم جمع لكونه على زنة المفردات كخاتم وقالب، وقد حقق النحاة كما في

شرح ألفية ابن مالك أنّ الاسم الداذ على أكثر من اثنين إن كان موضوعا للأحاد المجتمعة دالاً عليها دلالة تكرار الواحد بالعطف فهو الجمع، وإن كان موضوعا للحقيقة ملغى فيه اعتبار الفردية، فهو اسم الجنس الجمعي كتمر وتمرة، وإن كان موضوعا لمجموع الآحاد فهو اسم جمع سواء كان له واحد كركب أو لا كرهط ومنه العالم، وأما عالمون فقال ابن هشام هو اسم جمع على وزن جمع السلامة ولا نظير له وفيه نظر، وقال ابن مالك: ليس جمعاً لعالم لأنه يعم العقلاء، وغيرهم وعالمون خاص بالعقلاء وضعا، وردّ بكونه جمعاً له بعد تخصيصه بالعقلاء، وفي الكشف لو قيل عالم وعالمون كعرفة وعرفات لم يبعد وأنت إذا فهمت ما ذكر عرفت أنّ كلام السعد هو الموافق لكلام النحاة، وعبارة الشيخين صريحة فيه بغير شك لمن تدبر فقوله قدس سرّه في ردّه إنّ ملاحظة المقام تقتضي شموله للآحاد إن أراد وضعا فلا ضير فيه وان أراد ما هو أعمّ منه كدلالته عليه بالالتزام ونحوه كما مرّ فممنوع للزومه له، كما سمعتة آنفاً وفرق بين الإطلاق والشمول، فكما أنّ الجمع إذا عرّف استغرق آحاد مفردة، وان لم يصدق عليها كذا عالم إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>