مصدر محذوف أو حال بتأويله بمستيقنين، ولا يرد عليه أنّ نفي القتل المتيقن يقتضي ثبوت القتل المشكوك لأنه لنفي القيد، والمقيد أو لنفي القيد، ولا مانع من أنه قتل في ظنهم فإنه يقتضي أنه ليس في نفس الأمر كذلك، وقيل هو راجع إلى العلم لمواليه ذهب الفراء، وابن قتيبة أي، وما قتلوا العلم يقيناً من قولهم قتلت العلم، والرأي، وقتلت كم اعلماً، وهو مجاز كما في الأساس، ويقال نحره علماً أيضاً ومنه نحرير للحاذق، وقال الأصمعي: نحرير كلمة مولدة وردّه الجواليقي وقال ورد في الشعر القديم كقوله:
يوم لا ينفع الرواغ ولا يف ط م إلا المشبع النحرير
وهي مشتقة من النحر كأنه نحر الأمور باتقانه كما يقال قتله خبراً قال:
قتلتني الأيام حين قتلتها خبراً فأبصرقاتلامقتولا
لأنّ من قتل فقد استعلى وغلب وتصرّف، وقيل: العلاقة التطهير بنفي الدماء،
والرطوبات، وهو بعيد، وقال الرضي في بحث المركبات النحر يكون بمعنى الإظهار لأنّ النحر يتضمنه ومنه قتلته خبراً، وقولهم للعالم نحرير لأن القتل، والنحر يتضمن إظهار ما في باطن الحيوان، وقيل الضمير للظن أي، وما قطعوا الظن يقيناً وهذا منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما، والسدي، وقيل: إنه متعلق بما بعده أي بل رفعه الله رفعاً يقينا ورد بأنّ ما بعد بل لا يتقدم عليها والبيت المذكور لم أر من عزاه وبقنا بفتحتين بمعنى يقيناً. قوله:(أي وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به الخ) إن هنا نافية بمعنى ما وفي الجار والمجرور وجهان أحدهما أنه صفة لمبتدأ محذوف، والقسم مع جوابه خبر، ولا يرد عليه أنّ القسم إنشاء لأن المقصود بالخبر جوابه وهو خبر مؤكد بالقسم، ولا ينافيه كون جواب القسم لا محل له لأنه لا محل له من حيث كونه جواباً فلا يمتنع كونه له محل باعتبار آخر لو سلم أنّ الخبر ليس هو المجموع، والتقدير، وما أحد من أهل الكتاب إلا والله ليؤمنن به فهو كقوله:{وما معنا إلا له مقام معلوم}[صورة الصافات، الآية: ١٦٤] ورجح هذا الوجه والثاني واليه ذهب الزمخشري وأبو البقاء، والمصنف رحمه الله أنّ جملة القسم صفة موصوف محذوف تقديره وأن من أهل الكتاب أحدا لا ليؤمنن به، وقيل عليه إنّ الصواب هو الوجه الأوّل لأنه لا ينتظم من أحد والجار، والمجرور إسناد لأنه لا يفيد، وكونه لا فائدة فيه ليس بشيء إذ معناه كل رجل يؤمن به قبل موته من أهل الكتاب نعم معناه على الوجه الآخر كل رجل من أهل الكتاب يؤمن به قبل موته، والظاهر أنه هو المقصود، وأنه أتم فائدة، والاستثناء مفرغ من أعمّ الأوصاف. قوله:(ويعود إليه الضمير الثاني الخ) أي إلى أحد، وتزهق روحه بمعنى تخرج، وقال الراغب زهوق الروج خروجها أسفاً على شيء ويؤيد كون الضمير لأحد الذي يكون للجمع، وغيره كما مرّ أنه قرئ ليؤمنن بضم النون، وأصله يؤمنونن، وضمير الجمع لا يعود لعيسى عليه الصلاة والسلام ظاهرا ومعاجلة الإيمان مبادرته، وهو الصحيح، وفي نسخة معالجة الإيمان أي جبر نفسهم عليه، وتمرينها على الحق، والمراد بالاضطرار إيمان الناس، والإلجاء، وهو لا يفيد لأنه ملحق بالبرزح فينكشف لكل الحق، ويظهر له حتى يؤمن به كما هو حقه، وقصة الحجاج، واستشكاله هذه الآية بمن شاهد! ن! هم يقتل، ويحرق ونحوه، ولا يقز بذلك مفصلة في الكشاف، وقدّر أحد على قراءة الجمع، ولم يقدر جمعا صريحاً لشيوعه في الاستثناء ملفوظا
مراداً به الجمع فحمل المقدر عليه فتأمّل، ومعنى الوعيد أنّ ذلك الأمر الذي يتحرّزون عنه كائن لا محالة، وقراءة الجمع لا تعين ذلك الاحتمال في القراءة الأخرى إن قلنا بجواز تخالف القراءتين معنى، والا ففيه نظر ورجوع الضمير إلى عدم قتله خلاف الظاهر وان قيل به. قوله:(روي أنه عليه الصلاة والسلام ينزل الخ) هذا الحديث رواه أبو داود وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه دون قوله: فلا يبقى أحد من أهل الكتاب الخ. وروى هذه الزيادة ابن جرير، وصححه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوقا، وكونه يمكث أربعين سنة استشكله الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله بأنه ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه يمكث في الأرض سبع سنين، وجمع بين الروايتين بأن رواية مسلم لبيان مذة مكثه بعد نزوله من السماء، والرواية الأخرى لبيان مجموع إقامته قبل الرفع وبعده فإنه رفع، وهو ابن ثلاث، وثلاثين سنة فإذا نزل مكث سبع سنين فيكون مدة لبثه في الدنيا أربعين