للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سنة، ولفظ مسلم يبعث الله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فيطلبه فيهلك أي الدجال ثم يلبث الناس بعد. سبع سنين ليس بين اثنين عداوة قال البيهقي ويحتمل أيضاً قوله ثم يلبث الناس بعد. أي بعد موته فلا تكون هذه الرواية مخالفة للرواية الأولى، ورجح هذا الجمع على الأوّل بأنّ الرواية ليست نصاً في لبث عيسى صلى الله عليه وسلم وتلك نص فيها، وقوله بعده وثم صريح فيه والرواية الأولى مشهورة مروبة من طرق كثيرة، ولم يخالفها غير رواية مسلم فينبغي تأويلها، ثم اختلف في محل دفنه عليه الصلاة والسلام، فقيل: يدفن في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم وان محله فيها معدله، ورد فيه أثر وقيل في بيت المقدس، وقوله: ويوم القيامة الخ يدل على جواز تقدم خبر كان مطلقا أو إذا كان ظرفا لأن المعمول إنما يتقدم حيث يصح تقديم عامله، والضمير في يهون لعيسى عليه الصلاة والسلام، وقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو خلاف الظاهر، ولذا لم يذكره المصنف رحمه الله. قوله: (فبأيّ ظلم الخ) أخذ التعميم من التنوين، وليس مراده أنّ له صفة محذوفة كما قيل، وترك ذكر الحصر لما مرّ، وقوله وعلى الذين هادوا الخ المحرّم هو ما سيأتي في الأنعام مفصلاً فإن قيل التحريم كان في التوراة، ولم يكن حينئذ كفر بعيسى، ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وصد عن سبيل الله.

قيل المراد استمرار التحريم، وجعل الزمخشري الصد وا! ل ونحوهما بياناً للظلم قال

النحرير: رحمه الله هو لدفع ما يقال إنّ العطف على المعمول المتقدم ينافي الحصر مثل مررت بزيد وبعمرو، ومن جعل الظلم بمعناه كما في قوله تعالى: {ذلك جزيناهم ببنيهم} وجعل بصدهم متعلقاً بمحذوف فلا إشكال عليه.

(قلت) ومنه يعلم تخصيص ما ذكره أهل المعاني من أنه مناف للحر بالاتفاق إذ المراد إذا

لم يكن الحصر مستفاداً من غير التقديم، ولم يكن الثاني بياناً للأوّل كما إذا قلت بذنب ضربت زيداً، وبسوء أدبه أي لا بغير ذنب فافهمه فإنه من النفائس. قوله: (ناساً كثيرا (أي هو صفة مفعول صدّ مقدراً أو صفة مفعول مطلق فينتصب على المصدرية، وقيل إنه منصوب على الظرفية أي زماناً كثيراً، وإنما لم تعد الباء في أخذهم، ونحوه، وأعيدت في غيره لأنه فصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما ليس معمولاً للمعطوف عليه، وحيث فصل بمعموله لم تعد، وجملة، وقد نهوا حالية ووجه الدلالة على أن النهي للتحريم أنه تعالى توعد على مخالفته، وهو ظاهر. قوله: (نصب على الماخ إن جعل يؤمنون الخبر) كما مرّ، وقد جؤز فيها أن تكون جملة حالية أيضاً، وليست مؤكدة لتقييدها بقيد ليس في الأوّل، ولعدم دلالتها على الرسوخ في العلم، وإليه أشار بقوله أن جعل الخ. وقد أشكل هذا على من قال: لا وجه لتقييد النصب بذلك الجعل فإنه منصوب على المدح مطلقا وخبط بعضهم في توجيهه، وما ذكره المصنف رحمه الله بعينه كلام الكسائي قال مكي من جعل نصب المقيمين على المدح جعل خبر الراسخين يؤمنون فإن جعل الخبر أولئك سنؤتيهم لم يجز نصب المقيمين على المدح لأنه لا يكون إلا بعد تمام الكلام لكن قال النيسابوري رحمه الله طعن الكسائي في القول بالنصب على المدح بأنه يكون بعد تمام الكلام، وهنا ليس كذلك لأنّ الخبر أولئك، والجواب أنّ الخبر يؤمنون ولو سلم فما الدليل على أنه لا يجوز الاعتراض بين المبتدأ وخبره، ولما رأى الزمخشرفي ما فيه لم يصرّح بما ذكره المصنف رحمه الله، وكان وجه ما ذكروه أنّ القطع في العطف في قوّة الاتباع لأنه الأصل فيه ومقتضى العطف على المبتدأ أن يكون الخبر المذكور بعده للمبتدأ، وما عطف عليه، وكذا الضمير العائد فيه، وبعد الأخبار عنه لا يصح قطعه لكن حكى ابن عطية رحمه الله عن قوم منع نصبه على القطع من أجل حرف العطف، والقطع لا يكون في العطف إنما ذلك في النعوت، ولما استدل النحاة رحمهم الله بقوله:

لايبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر

النازلين بكل معترك والطيبون معاقد الأزر

على جواز القطع فرق هذا القائل بأن البيت لا عطف فيه لأنه قطع فيه النازلين فنصب، والطيبون

<<  <  ج: ص:  >  >>