للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرفع على قوله قومي، ولا وجه للفرق مع ما أنثده سيبويه للقطع مع حرف العطف من قوله:

ويأوي إلى نسوة عطل وشعثامراضيع مثل السعالى

فنصب شعثا، وهو معطوف، وقد تقدم لنا كلام في هذا في سورة البقرة، ولعل القطع

ليس مثل الاعتراض من كل الوجوه لما فيه من ملاحظة التبعية فلا يرد ما ذكره النيسابوري رحمه الله، وبعد كل كلام فما ذكره المصنف رحمه الله قاله السلف فالعهدة فيه عليهم فليحرر. قوله: (أو عطف على ما أنزل إليك الخ) هذا وجه آخر في إعرابه، وهو أنه مجرور معطوف على ما أنزل، والمعنى يؤمنون بالمقيمين، والمراد بالمقيمين حينئذ الأنبياء، والرسل صلوات الله وسلامه عليهم قيل، وليس المراد بإقامة الصلاة على هذا أداؤها بل إظهارها بين الناس، وتشريعها، وقيل المراد بالمقيمين الملائكة لقوله يسبحون الليل، والنهار لا يفترون وقيل المسلمون بتقدير مضاف أي وبدين المقيمين، وفيه أقوال أخر فقيل معطوف على ضمير منهم، وقيل ضمير إليك أو ضمير قبك، وهذا أبعدها، وفي الكشاف، ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنا في خط المصحف وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب، ولم يعرف مذاهب العرب فيما لهم من النصب على الاختصاص من الافتنان وغبى عليه أنّ السابقين الأوّلين الذين مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل كانوا أنفذ همة في الغيرة على الإسلام وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم وخرقا يرفوه من يلحق بهم اص.

وقيل عليه لا كلام في نقل النظم تواتر فلا يجوز اللحن فيه أصلاً وهل يمكن أن يقع في الخط لحن بأن يكتب المقيمون بصورة المقيمين بناء على عدم تواتر صورة الكتابة وما روي عن عثمان وعائشة رضي الله تعالى عنهما أنهما قالا إنّ في المصحف لحناً، وستقيمه العرب بألسنها على تقدير صحة الرواية يحمل على اللحن فى الخط لكن الحق رد هذه الرواية وإليه أشار بقوله: (إن السابقين الأولين الخ)

أقول: هذا إشارة إلى ما نقله الشاطبى رحمه الله فى الرائية وبينه شراحه وعلماء الرسم (العثماني بسند متصل إلى عثمان رضي الله تعالى عنه أنه لما فرغ من المصحف أتى به إليه فقال قد أحسنتم، وأجملتم أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها، ولو كان المملي من هذيل، والكاتب من قريش لم يوجد فيه هذا.

قال السخاوي، وهو ضعيف، والإسناد فيه اضطراب، وانقطاع لأنّ عثمان رضي الله تعالى عنه جعل للناس إماما يقتدون به فكيف يرى فيه لحناً، ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها، وقد كتب مصاحف سبعة وليس فيها اختلاف قط إلا فيما هو من وجوه القراآت، وإذا لم يقمه هو، ومن باشر الجمع كيف يقيمه غيرهم وتأوّل قوم اللحن في كلامه على تقدير صحته عنه بأن المراد الرمز والإيماء كما في قوله:

منطق رائع وتلحن أحيانا وخير الكلام ماكان لحنا

أي المراد به الرمز بحذف بعض الحروف خطاً كألف الصابرين مما يعرفه القراء إذا رأوه،

وكذا زيادة بعض الحروف، والوجوه المذكورة في الرفع، وما عطف عليه ظاهرة، وعلى عطفه على ضمير يؤمنون تقديره المؤمنون يؤمنون هم والمقيمون الصلاة لا يؤمنون المقيمون حتى لا يصح الأخبار كما توهم إلا أنه لا يخفى أنّ غيره أولى منه وأقعد.

تنبيه: قد نخلنا النقول، وتتبعنا كلامهم ما بين معسول ومغسول فآل ذلك إلى أنّ قول عثمان فيه مذهبان أحدهما أن المراد باللحن ما خالف الظاهر وهو موافق له حقيقة ليشمل الوجوه تقديرا، واحتمالاً، وهذا ما ذهب إليه الداني، وتابعه كثيرون والرواية فيه صحيحة، والثاني ما ذهب إليه ابن الأنباري من أنّ اللحن على ظاهره، وأنّ الرواية غير صحيحة. قوله: (قدم عليها الإيمان بالأنبياء والكتب الخ) الإيمان بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام معلوم من الإيمان بما أنزل إليهم والإيمان بالكتب مصرح به، وما يصذقه إقامة الصلاة وايتاء الزكاة، وقوله: لأنه المقصود أي لأنّ الإيمان بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وما معهم هو المقصود في هذا المقام لأنه لبيان حال أهل الكتاب، وإرشادهم، وهم كانوا يؤمنون ببعض ذلك، ويتركون بعضه فبين لهم ما يلزمهم، ويجب عليهم، وأما الإيمان بالله، واليوم الآخر فهم قائلون به ظاهراً كما مرّ

<<  <  ج: ص:  >  >>