للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصرفها لغير الله شرك؛ ومن ذلك: أن يدعو غير الله في أمر لا يَقدِر عليه إلاّ اللهُ ﷿، مِثلُ أنْ يَطلب مِنْ أَحدٍ إنزالَ الغَيثِ، وغُفرانَ الذُّنوبِ، وغيرَ ذلك، فهذا شِركٌ أكبرُ.

أو في طريقةِ الطَّلبِ، بأنْ يَكون بكَمالِ الذُّلِّ، وبكِمالِ المحبَّةِ، أو برَغبةٍ ورَهبةٍ لا تُصرَف إلاّ للهِ فهذا شركٌ أكبرُ، لصَرفِه شيئًا مِنْ خَصائصِ الأُلوهيَّةِ لغَيرِ اللهِ ﷿.

أو يَكون المدعوُّ بعيدًا عن الداعِي، فإنَّ دعاءَ مِثلَ هذا شِركٌ؛ لأنَّ اتِّساعَ السَّمعِ لِسَماعِ البعيدِ خاصٌّ باللهِ سبحانَه، ولأنه يَعتقِد في مِثلِ هذا أنه يَعلَم الغَيبَ، وأنه له تَصرُّفٌ في الكَونِ.

أو يَدعوَ الغَيرَ مع اعتقادِ أنه يَستقِلُّ في إيجادِ المطلوبِ مِنْ دونِ اللهِ، فشِركٌ أكبرُ، فإنَّ إيجادَ الشيءِ استقلالاً خاصٌّ باللهِ ﷿.

أو يَطلب مِنْ الميِّتِ شِفاءَ مَريضِه، وكَشفَ السُّوءِ عنه، ونحوَ ذلك، فهذا شِركٌ أكبرُ.

وقد يقولُ قائلٌ: إنَّ هذه الأفعالَ مِنْ كَشفِ السُّوءِ، وشفاءِ المريضِ لَيسَت خاصَّةً باللهِ، بل يَقوم بها بَعضُ المخلُوقِين كالطِّبيبِ مثلاً.

فجوابُ ذلك أنْ يُقال: إنَّ إيجادَ المُسبِّباتِ دونَ مُباشرةِ السَّببِ لا يَكون إلاّ للهِ سبحانَه، فهُو خاصٌّ به؛ إذْ هو يُوجِد المسبِّباتِ بالأمرِ الكَونيِّ؛ لقولِه تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *﴾ [يس: ٨٢].

فطلبُ الأفعالِ مِنْ الميِّتِ شِركٌ أكبرُ؛ لأنه يَلزمُ مِنْ هذا أنه يُوجِد المسبِّباتِ بدونِ مُباشَرةِ السبَبِ، ففيه صَرفٌ لشيءٍ اختَصَّ به الخالقُ دونَ المخلوقِ.

<<  <   >  >>