فصلٌ: في كفَّارةِ القَتلِ.
الكَفَّارةُ في اللُّغةِ: مأخوذٌ مِنْ الكَفْرِ وهو السَّتْرُ والتَّغطِيةُ والجُحودُ، سُمِّيَت بذلك؛ لأنها تُغطِّي الإثمَ وتَستُره.
وفي الشَّرعِ: ما يُخرجه القاتلُ شِبهَ عَمدٍ أو خطأ مِنْ عتقٍ أو صيامٍ تَكفيرًا لِقَتلِه.
حُكمُها: الوجوبُ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [النِّسَاء: ٩٢].
وأما السُّنةُ: ما سيَأتي مِنْ الأحاديثِ.
وأما الإجماعُ: قال ابنُ قُدامةَ في المُغنِي (١٠/ ٣٥): "وأَجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ على القاتلَ خطأً كفَّارةٌ، سواءٌ كان المقتولُ ذكرًا أو أُنثَى".
قال ابنُ هُبَيرةَ في الإفصاحِ ٢/ ٢٢٤: "واتَّفَقوا على وجوبِ الكفَّارةِ في قَتلِ الخطأِ إذا كان المقتولُ حُرًّا مسلمًا".
تَجِب الكفَّارة بشُروطٍ:
الأولُ: أنْ تَكون النَّفسُ المقتولةُ مَعصومةً، حُرًّا أو عبدًا، فإنْ كان دَمُها مُهدَرًا، كالحربيِّ -الكافرِ الذي بَينَنا وبَينَه حربٌ-، والمُرتَدِّ والزَّانِي المُحصَنِ الذي ثَبَت عند القاضِي إقامةُ الحدِّ عليه؛ لم تَجِبْ الكفَّارةُ بقَتلِه.
وإنْ كان مَعصومَ الدَّمِ، كالذِّمِّيِّ والمُستأمَنِ؛ فتَجِب الكفَّارةُ بقَتلِه؛ لقولِه تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النِّسَاء: ٩٢]. ولأنه آدميٌّ مقتولٌ بغيرِ وَجهِ حَقٍّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute