للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بابُ القَسَامَةِ

وهي لُغةً: اسمُ القَسَمِ أُقيمَ مُقامَ المَصدَرِ، مِنْ قولِهم: أَقسَمَ إقسامًا وقَسَامةً، القَسَم -بالتَّحريك: اليمينُ، وتَقاسَم القومُ: تَحالَفُوا.

واصطلاحًا: أَيمانٌ مكرَّرةٌ في دَعوَى قَتلِ معصومٍ. روَى أحمدُ ومسلمٌ: أنَّ النبيَّ أَقرَّ القَسَامَةَ على ما كانَت عليه في الجاهليَّةِ".

فالقَسامةُ طريقٌ مِنْ طُرقِ نَفيِ القَتلِ عند العربِ في الجاهليَّةِ، وطريقٌ مِنْ طُرقِ إثباتِ القتلِ، واختُلف في أوَّلِ مَنْ قضَى بها في الجاهليَّةِ، فقيل: هي قَسامةُ أَبي طالبٍ في قَتيلِ بَنِي هاشمٍ، وقيل: أوَّلُ مَنْ قضَى بها في الجاهليَّةِ الوليدُ بنُ المُغِيرةِ. (صحيحُ البخاريِّ ٤/ ٢٣٦، مُغنِي المحتاجِ ٤/ ١٠٩).

والأصلُ في القَسامةِ: السُّنةُ، فقد روَى سَهلُ بنُ أَبي حَثْمةَ ورافعُ بنُ خَديجٍ: "أنَّ مُحيِّصةَ بنَ مسعودٍ وعبدَ الله بنَ سَهلٍ انطلَقَا قَبلَ خَيبرَ فتفرَّقَا في النَّخلِ فقُتِل عبدُ اللهِ بنُ سَهلٍ فاتَّهموا اليهودَ، فجَاء إخوةُ عبدِ الرحمنِ بنِ سَهلٍ وأبناءُ عَمِّه حُويِّصةُ ومُحيِّصةُ إلى النبيِّ ، فتكلَّم عبدُ الرحمنِ في أمرِ أخيهِ وهو أصغرُ منهم، فقال الرسولُ : «الكُبْرَ الكُبْرَ»، أو قال: «لِيَبْدَأ الأَكبَرُ»، فتكلَّمَا في أَمرِ صاحبِهما، فقال : «يُقسِم خَمسُونَ مِنْكُمْ على رَجُلٍ منهم فيُدفع برُمَّتِه»، قالوا: أَمرٌ لم نَشهدْه كيف نَحلِفُ؟ قال: «فتُبْرِئُكم يَهودُ بأيمانِ خَمسينَ مِنهُم» قالوا: يا رسول الله قومٌ كفَّارٌ، قال: فوَدَاه رسولُ اللهِ مِنْ قِبَلِه". رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.

واتَّفق الأئمةُ الأربعةُ على القولِ بمَشروعيَّةِ القَسامةِ؛ لِما تقدَّم مِنْ الدليلِ.

<<  <   >  >>