للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بابُ الحُدودِ.

قال شيخُ الإسلامِ كما في الاختياراتِ ٤١٦: "العُقوباتُ الشرعيَّةُ إنَّما شُرِعَت رحمةً مِنْ اللهِ تعالى بعِبادِه، فهي صادرةٌ عن رَحمةِ الخلقِ وإرادةِ الإحسانِ إليهم، ولهذا يَنبغي لمَن يُعاقِب الناسَ على ذُنوبِهم أنْ يَقصدَ بذلك الإحسانَ إليهم والرَّحمةَ لهم كما يَقصِدُ الوالدُ تأديبَ ولدِه، وكما يَقصِدُ الطبيبُ معالجةَ المريضِ". قال ابنُ القيِّمِ في إعلامِ الموقِّعين (٣/ ٢١٦): "وكذلك الحُدودُ جعلها اللُه تعالى زَوَاجرَ للنُّفوسِ وعقوبةً ونَكالاً وتَطهيرًا، فشَرعُها مِنْ أعظمِ مَصالحِ العبادِ في المعاشِ والمعادِ، بل لا تَتِمُّ سياسةُ مَلِكٍ مِنْ ملوكِ الأرضِ إلا بزَواجِرَ وعُقوباتٍ لأربابِ الجرائمِ، ومعلومٌ ما في التَّحيُّلِ لإسقاطِها مِنْ مُنافاةِ هذا الغَرضِ وإبطالِه، وتَسليطِ النُّفوسِ الشِّرِّيرةِ على تلك الجناياتِ".

والُحدودُ: جَمعُ حَدٍّ، وهو لُغةً: المَنْعُ، وحدودُ الله: مَحارمُه.

واصطلاحًا: عُقوبةٌ مُقدَّرةٌ شَرعًا في مَعصيةٍ لتَمنعَ الوقوعَ في مِثلِها.

والأصلُ في الحُدودِ: القرآنُ، كما في قولِه تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا﴾ [المَائدة: ٣٨].

والسُّنةُ كما سيَأتي.

والإجماعُ: قال ابنُ حزمٍ في مَراتبِ الإجماعِ ص ٩٦: "أَجمعُوا أنَّ مَنْ اجتمع عليه حَدُّ الزِّنَى والخَمرِ والقَذفِ والقَتلِ أنَّ القتلَ عليه واجبٌ، واختلَفُوا أيُقامُ عليه قَبلَ ذلك سائرُ الحُدودِ أم لا؟ ".

<<  <   >  >>