للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصلٌ: في عُقوبةِ المُسكِرِ.

أيْ: الذي يَنشأُ عنه السُّكرُ، وهو اختِلاطُ العَقلِ.

والخَمرُ أُمُّ الخبائِثِ؛ لأنَّها تُفسِد العقولَ والأبدانَ والأخلاقَ والأَنفُسَ والمُجتَمعاتِ، قال شيخُ الإسلامِ كما في مَجموعِ الفتاوَى ٢٠/ ٣٣٦: (وتَحريمُ الخَمرِ أَشدُّ مِنْ تَحريمِ اللُّحومِ الخبيثةِ، فإنَّ الخَمرَ يَجِب اجتنابُها مطلقًا)، ولا يَجوز اقتِناؤُها، ويَحرُم بَيعُها وشِراؤُها والمساهمةُ فيها؛ لأنَّ المَفاسدَ الناشِئَةَ عنها أَعظمُ مِنْ مَفاسدِ الأَطعمةِ الخبيثةِ. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المَائدة: ٩٠].

وعن عبدِ الله بنِ عمرَ : أنَّ رسولَ اللهِ قال: «مَنْ شَرِب الخَمرَ في الدُّنيا، ثُم لم يَتُب مِنها، حُرِمَها في الآخِرةِ». رَواه البخاريُّ ومسلمٌ. وعن أَبي هريرةَ، قال: قال النبيُّ : «لا يَزنِي الزَّاني حينَ يَزنِي وهو مُؤمِنٌ، ولا يَسرِقُ حينَ يَسرِقُ وهو مُؤمِنٌ، ولا يَشربُ حينَ يَشربُها وهو مُؤمِنٌ». رَواه البخاريُّ ومسلمٌ.

وقال ابنُ القيِّمِ في الهَديِ ٤/ ١٤١: "إنَّما حَرَّم اللهُ على هذه الأُمَّةِ ما حَرَّم لِخُبثِه، وتَحريمُه له حِميةٌ لهُم، وصِيانةٌ عن تَناوُلِه … وهو يُكسِب الطَّبيعةَ والرُّوحَ صِفةَ الخُبثِ … ".

قال ابنُ هُبَيرةَ في الإفصاحِ ٢/ ٢٦٨: "واختَلَفوا في حَدِّ السُّكرِ، فقال أبو حنيفةَ: هو ألاّ يَعرف السماءَ مِنْ الأرضِ، ولا المرأةَ مِنْ الرَّجلِ، وقال مالكٌ: إذا استَوى عنده الحَسَنُ والقبيحُ فهو سَكْرانُ، وقال الشافعيُّ وأحمدُ: هو أنْ يُخلِّط في كلامِه خلافَ عادَتِه".

<<  <   >  >>