للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مسألة: شُروطُ وجوبِ الحَدِّ:

الأولُ: أنْ يَكون بالغًا عاقلاً؛ لحديثِ عليٍّ : «رُفِع القَلَمُ عن ثَلاثةٍ»، وتقدَّم قريبًا، وفي قِصَّةِ ماعزٍ «أَبِكَ جُنونٌ؟». رَواه مسلمٌ، ولأنه إذا سقَط عنه التَّكليفُ في العباداتِ، فالحدُّ أَولَى.

الثَّاني: أنْ يَكون مسلمًا أو ذِمِّيًا؛ لأنِّ الذِّمِّيَّ مُلتزِمٌ لأحكامِ المسلِمينَ في ضَمانِ النَّفسِ والمالِ والعِرضِ، بمُقتضَى عَقدِ الذِّمَّةِ لقولِه تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المَائدة: ٤٩]، بخلافِ الحربيِّ والمستأمَنِ.

الثالثُ: أنْ يَكون عالمًا بالتِّحريمِ وإنْ جَهِل العقوبةَ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسرَاء: ١٥]، ولقولِ عمرَ وعثمانَ وعليٍّ: "لا حدَّ إلاّ على مَنْ عَلِمَه". أخرجَه الشافعيُّ في المسنَدِ وعبد الرزاق.

الرابعُ: انتِفاءُ الشُّبهَةِ.

الشُّبهَةُ في اللُّغةِ: هي الالْتِباسُ.

وعُرِّفَت الشُّبهةُ عند الفقهاءِ: فقيل: ما يُشْبِه الثَّابتَ وليس بِثابتٍ.

وقيل: ما وُجدَت فيه صورةُ المُبيحِ ولم تَثبُت إباحتُه.

وقيل: التَّعارُض بين أدلَّةِ التَّحريمِ والتَّحليلِ.

وذهبَ الجُمهورُ: إلى دَرْءِ الحدودِ بالشُّبهاتِ؛ لحديثِ عائشةَ قالَت: قال رسولُ اللهِ : «ادْرَؤُوا الحُدودَ بالشُّبهاتِ ما استَطعتُم» أخرجَه الترمذيٌّ، الدارقطنيُّ.

وما رُوي موقوفًا عن عمرَ : "لَأنْ أُعطِّلَ الحدودَ بالشُّبهاتِ أَحبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أُقيمَها بالشُّبهاتِ" رواه ابنِ أبي شيبةَ.

<<  <   >  >>