للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوَجبَت الكفَّارةُ على قاتِلِه كالمسلِمِ.

الشَّرطُ الثَّاني: أنْ يَكون القتلُ صادرًا مِنْ غيرِ المقتولِ، فإنْ صدَر مِنْ المقتولِ بأنْ قَتَل نفسَه فلا كفَّارةَ عليه؛ لِحديثِ سَلَمةَ بنِ الأَكوَعِ : أنَّ عامرَ بنَ الأَكوَعِ قَتَل نَفسَه". رَواه البخاريُّ. ولم يُوجِب عليه النبيُّ كفَّارةً.

الشَّرطُ الثالثُ: أنْ يَكون الجنينُ نُفِخَت فيه الرُّوحُ إنْ كان القَتلُ لِجَنينٍ، لأنَّ القتلَ غيرُ مُتصوَّرٍ لمن لم تُنفَخ فيه الرُّوحُ.

الشَّرطُ الرابع: أنْ يَكون القتلُ خطأً، وهذا باتِّفاقِ الأئمَّةِ، قال ابنُ المنذرِ في الاجماعِ له ص ١٥٢.: "وأَجمعوا على أنَّ على القاتلِ خطأً: الكفَّارةُ ". وقال ابنُ حَزمٍ في مراتِب الإجماعِ ص ٢٣٠: "واتَّفقوا على أنَّ على المسلِمِ البالغِ العاقلِ قاتلِ المسلمِ خطأً: الكفَّارةُ".

وقد دلَّ على هذا قولُه تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النِّسَاء: ٩٢].

وإنْ كان القتلُ غيرَ خطأٍ فلا يَخلو مِنْ أمرَين:

الأولُ: أنْ يَكون شِبهَ العَمدِ:

عند جُمهورِ أَهلِ العلمِ: أنَّ الكفَّارةَ واجبةٌ بقَتلِ شِبهِ العمدِ؛ لأنه خطأٌ مِنْ حيثُ الجانِي؛ إذْ لم يَقصِد القتلَ، فيَدخلُ في عُمومِ قولِه تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النِّسَاء: ٩٢].

ولأنَّ شِبهَ العَمدِ مُلحَقٌ بالخطأِ في كثيرٍ مِنْ الأحكامِ، مِثلُ وجوبِ الدِّيَةِ على العاقلةِ، فكَذا الكفَّارةُ.

ولأنَّ عدَم إيجابِ الكفَّارةِ يَترتَّب عليه ألاّ يَجِب عليه شيءٌ؛ إذْ الدَّيَةُ على العاقلةِ.

<<  <   >  >>