للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أنْ يَكون عمدًا:

عند جمُهورِ أهلِ العلمِ: عدمُ وجوبِ الكفَّارةِ بقَتلِ العَمدِ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا *﴾ [النِّسَاء: ٩٣] ولم يَذكر كفَّارةً.

ولقولِه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البَقَرَة: ١٧٨]. ولم يَذكر كفَّارةً.

ولِما رُوي أنَّ سُويدَ بنَ الصامتِ قَتَل رجلاً، فأَوجَب النبيُّ عليه القَوَدَ، ولم يُوجبْ كفَّارةً. رَواه البيهقيُّ، وابنُ سعدٍ، والطَّبَرانيُّ، وهو ضعيفٌ جدًّا.

وعمرُو بنُ أُميَّةَ الضَّمْريُّ قَتَل رَجُلَين عَمدًا، فوَدَاهُما ولم يُوجبْ عليه كفَّارةً، رَواه ابنُ سعدٍ، وهو ضعيفٌ.

ولأنَّ الكفَّارةَ دائرةٌ بين العُقوبةِ والعبادةِ، فتَعيَّن أنْ يَكون سببُها دائرًا بين الَحظرِ والإباحةِ؛ لتعلُّقِ العبادةِ بالمباحِ، والعقوبةِ بالمحرَّمِ، وهذا المعنَى ليس موجودًا في العَمدِ.

الشَّرطُ السادسُ: أنْ يَكون القتلُ مباشرةً أو تسبُّبًا، فإنْ كان مباشرةً فتَجِب الكفَّارةُ باتِّفاقِ الأئمةِ.

وإنْ كان تسبُّبًا كما لو حَفَر بِئرًا محرَّمًا حفرُه: فعِندَ جُمهورِ أهلِ العلمِ: أنه تَجِب الكفَّارةُ بقَتلِ التَّسبُّبِ؛ لعُمومِ الآيةِ، ولأنَّ القَتلَ بالتَّسبُّبِ مُوجِبٌ للضَّمانِ، فكَذا الكفَّارةُ، ولأنه سَببٌ لإتلافِ الآدميِّ، يَتعلَّق به ضَمانُه، فتعلَّقَت به الكفَّارةُ، كما لو كان راكبًا فأَوطَأَ دابَّتَه انسانًا.

<<  <   >  >>