ونُوقش: أنَّ هذا قَتيلُ اليهودِ، وبيتُ المالِ لا يَعقِل عن الكفَّارِ بحالٍ، ففَعَله النبيُّ ﷺ تفضُّلاً.
ولِما ورَد أنَّ أبا موسَى الأشعريَّ كتَب إلى عمرَ: "الرَّجُل يَموت بَينَنا ليس له رَحِمٌ، ولا مَولى، ولا عَصبةَ، فكتَب إليه عمرُ ﵁: "إنْ ترَك رَحِمًا فرَحِمٌ، وإلاّ فالمَولى، وإلاّ فلِبَيتِ مالِ المسلِمين، يَرِثُونه ويَعقِلون عنه". أخرجَه عبدُ الرزاقِ، وابنُ أَبي شيبةَ، ولِما ورَد أنَّ رجلاً قُتِل في زِحامِ الناسِ في زمنِ عمرَ، فلم يُعرفْ قاتلُه، فقال عليٌّ: "يا أميرَ المؤمِنين، لا يُطَلُّ دَمُ رجلٍ مسلمٍ"، فأدَّى دِيَتَه مِنْ بيتِ المالِ. أخرجَه عبدُ الرزاقِ، وابنُ أَبي شيبةَ.
فإنْ لم يُمكِن أَخذُ الدِّيَةِ مِنْ بيتِ المالِ وَجبَت على الجانِي؛ لِعموم قولِه تعالى: ﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النِّسَاء: ٩٢].
ولأنَّ الأمرَ دائرٌ بين أنْ يُطَلَّ دَمُ المقتولِ، وبين إيجابِ دِيَتِه على المُتلِفِ، فلا يجوزُ الأولُ؛ لأنَّ فيه مخالفةَ الكتابِ والسُّنةِ، وقياسِ أصولِ الشَّريعةِ، فتَعيَّن الثَّاني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute