للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومَن صُوَرِ الشِّركِ الأصغرِ: الغُلوُّ في المحبَّةِ الَّتي أَصلُها شرعيٌّ، أو طبيعيٌّ إذا لم تَصِل إلى حدِّ العبادةِ. ومِن أَمثِلةِ ذلك:

المثالُ الأولُ: الغُلوُّ في محبَّةِ رسولِ اللهِ غُلوًّا لم يَصِل إلى درجةِ محبَّةِ اللهِ ؛ لِما رَواه البخاريُّ عن ابنِ عباسٍ : أنه سَمِع عُمرَ يقولُ على المِنبَرِ: سَمعتُ النبيَّ يقولُ: «لا تُطرُونِي كمَا أَطرَت النَّصارَى ابنَ مَريمَ، فإنَّما أنا عَبدُه، فقُولُوا عبدُ اللهِ ورَسُولُه».

المثالُ الثَّاني: الغُلوُّ في محبَّةِ المؤمنين بأنْ تَتجاوَزَ هذه المحبَّةُ حُدودَها الشرعيَّةَ، فتَتعدَّى كَونَها محبَّةً للهِ إلى كَونِها محبَّةً مع اللهِ، كالاعتمادِ على المحبوبِ، ورَجائِه في حُصولِ مَرغوبٍ أو دَفعِ مَرهوبٍ.

ومِثلُ ذلك: لو تَرتَّب على هذه المحبَّةِ طاعةٌ للمحبوبِ في مَعصِيةِ اللهِ بجَعلِ الحرامِ حَلالاً، أو الحلالِ حرامًا.

المثالُ الثالثُ: الغُلوُّ في المحبَّةِ الطَّبيعيَّةِ.

ومِن أَمثِلَتِه: العِشقُ، وهو أَعلَى درجاتِ المحبَّةِ؛ لأنَّ الحبَّ الذي استَحكَم بصاحبِه لا بُدَّ أنْ يَستَحكِم فيه الذُّلُّ، وهذه هي العبوديَّةُ.

٥ - الخوفُ: عبادة من أجل العبادات فصرفها لغير الله شرك أكبر؛ ومن ذلك:

أنْ يَخاف مِنْ غيرِ اللهِ أنْ يُصِيبَه المَخُوفُ منه بمَشِيئتِه وإرادتِه دونَ اللهِ ﷿، أيْ: يَستقلُّ بذلك، فهذا شِركٌ أكبرُ، قال تعالى: ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ [الزُّمَر: ٣٦]، ولأنه لا أَحدَ يُوجِد المسبِّباتِ دونَ مُباشرةِ الأسبابِ إلاّ اللهُ ﷿، فهُو الذي يَقول للشَّيءِ كُنْ فيَكونُ.

<<  <   >  >>