للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إتيانُ السَّحَرةِ على أقسامٍ:

١ - الإتيانُ مع التَّصديقِ لهُم في أمرٍ غَيبِيٍّ مُطلَقٍ، أو في أَمرٍ غَيبِيٍّ غيرِ مُطلَقٍ، كالعلمِ بمكانِ السِّحرِ والضالَّةِ ونحوِ ذلك، لكنْ بدونِ اعتقادِ أنَّ الشياطينَ تُخبِرُهم، فهذا كفرٌ أكبرُ مُخرِجٌ مِنْ المِلَّةِ؛ لأنَّ عِلمَ الغَيبِ خاصٌّ بالله، قال تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ﴾ [الأنعَام: ٥٩]، وقال تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ [النَّمل: ٦٥]. وقال المنَاوِي: "إنَّ مُصدِّقَ الكاهِنِ إنْ اعتَقدَ أنه يَعلم الغَيبَ كَفَر، وإنْ اعتَقدَ أنَّ الجِنَّ تُلقِي إليه ما سَمِعَته مِنْ الملائكةِ وأنه بإلهامٍ فصَدَّقَه مِنْ هذه الجِهَةِ لا يَكفرُ".

٢ - الإتيانُ مع التَّصديقِ لهُم في أمرٍ غَيبيٍّ نِسبيٍّ، كمَكانِ السِّحرِ والضالَّةِ، ونحوِ ذلك، مع اعتقادِ أنَّ الشياطينَ تُخبِرُهم، فهذا له عُقوبَتان:

أ) لم تُقبَلْ له صلاةٌ أربعينَ يومًا.

ب) كَفَر بمَا أُنزِل على محمدٍ : الكفرَ الأصغرَ.

٣ - الإتيانُ المجرَّدُ بدونِ تَصديقٍ، فهذا محرَّمٌ مِنْ بابِ سَدِّ الذَّرائِعِ، والدليلُ على ذلك ما رَواه الإمام مسلمٌ عن مُعاويةَ بنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ قال: قلتُ: "يا رسولَ اللهِ: إنَّ مِنَّا رجالاً يأتونَ الكُهَّانَ. قال: رسولُ الله : «فَلَا تَأْتِهِم».

٤ - الإتيانُ إليهم مِنْ أَجلِ سُؤالهِم امتحانًا لهُم، واختبارًا لِباطنِ أَمرِهم، وعندَه ما يُميِّز به صِدقَه مِنْ كَذِبِه، فهذا جائزٌ كمَا ثَبَت في الصَّحيحينِ أنَّ النبيَّ : سأَلَ ابنَ صَيَّادٍ فقال: «ما يَأتيكَ؟» فقال: يَأتِيني صادقٌ وكاذبٌ، قال: «مَا تَرَى؟» قال: أَرَى عَرشًا على الماءِ، قال: «فإِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لكَ خَبْأً»،

<<  <   >  >>