للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القاضِي؛ وذلك ليُشهِر عِلمَه للناسِ فيُنتَفَع به.

ويَكون حرامًا: لفاقدِ أهليَّةِ القضاءِ، إمَّا لجَهلِه أو لجَورِه، لِما ورَد عن النبيِّ عن بُرَيدَةَ أنه قال: «القُضاةُ ثلاثةٌ: قاضِيانِ في النارِ، وقاضٍ في الجنَّةِ، رجلٌ قضَى بغيرِ الحقِّ فعَلِم ذاكَ، فذاكَ في النارِ، وقاضٍ لا يَعلَم فأَهلَكَ حُقوقَ الناسِ فهو في النارِ، وقاضٍ قضَى بالحقِّ فذلكَ في الجنَّةِ». رَواه أبو داودَ، والترمذيُّ، وابنُ ماجَه، والنَّسائيُّ في الكبرَى.

ولأنَّ مَنْ لا يُحسِنه لا يَقدِر على العدلِ فيه، فيأخُذ الحقَّ مِنْ مُستحِقِّه فيَدفعُه إلى غيرِه.

ويَكون مكروهًا: لِمَنْ يَخاف العَجزَ عنه، وعدمَ القيامِ به.

ويَكون مباحًا: للصَّالحِ للقضاءِ الذي يَثِق بنَفسِه أنْ يُؤدِّيَ فَرضَه، ولا يَتعيَّن عليه لوجودِ غيرِه مِثلَه.

قال شيخُ الإسلامِ كمَا في الاختياراتِ ٤٨٠: "والواجبُ اتِّخاذُه وِلايةَ القضاءِ دِينًا وقُربَةً، فإنَّها مِنْ أَفضلِ القُرُباتِ، وإنَّما فَسَد حالُ الأكثرِ؛ لِطَلبِ الرِّئاسةِ والمالِ بها، ومَن فَعَل ما يُمكِنه لم يَلزَمْه ما يَعجِزُ عنه … ، ويَجِب العملُ بمُوجَبِ اعتِقادِه فيما له وعلَيه إجماعًا، والوِلايةُ لها رُكنانِ: القوَّةُ والأمانةُ، فالقوَّةُ في الحُكمِ تَرجِع إلى العلمِ بالعدلِ بتَنفيذِ الحُكمِ، والأمانةُ تَرجع إلى خَشيةِ اللهِ تعالى".

مسألة: يَلزم الإمامَ أنْ يَنصِب مِنْ القُضاةِ بقَدْرِ حاجةِ الناسِ؛ لأنَّ الإمامَ لا يُمكِنه أنْ يُباشِرَ الخُصوماتِ في جميعِ البُلدانِ بنَفسِه.

ويَختارُ لنَصبِ القضاءِ أفضلَ مَنْ يَجِد عِلمًا ووَرَعًا؛ لأنَّ الإمامَ ناظِرٌ للمُسلِمين، فيَجِب عليه اختيارُ الأَصلَحِ لهُم.

<<  <   >  >>