النبيِّ ﷺ قال:«رُفِع القَلمُ عن ثَلاثةٍ: … وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ». تقدَّم قريبًا. ولأنَّهما لَيسَا مِنْ أهلِ النُّصرةِ.
٣ - الغِنَى، فلا عَقلَ على فَقيرٍ؛ لأنه ليس مِنْ أهلِ المواساةِ.
٤ - الذُّكورةُ، فلا يَجِب العَقلُ على أُنثَى؛ لأنَّها ليسَت مِنْ أهلِ النُّصرةِ.
٥ - اتِّفاقُ الدِّينِ، فلا يَعقِل كافرٌ عن مسلمٍ، ولا يَعقِل مسلمٌ عن كافرٍ؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [الأنفَال: ٧٣]. ولأنَّ التَّعاقُل يَنبَنِي على المُوالاةِ والتَّناصُر، وذلك يَنعدِمُ عند اختلافِ الدِّينِ.
٦ - أنْ لا يَكونَ القَتلُ عَمدًا، فلا تَحمِل العاقلةُ عَمدًا مَحضًا؛ لِما روَى سليمانُ بنُ عمرِو بنِ الأحوصِ، قال: حدَّثَني أَبي أنه شَهِد حَجَّةَ الوَدَاعِ مع رسولِ اللهِ ﷺ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ:«لا يَجنِي جَانٍ إلاّ على نَفسِه، لا يَجنِي والدٌ على وَلَدِه، ولا مَولودٌ على والدِه». أخرجَه أحمدُ، الترمذيُّ، والنَّسائيُّ في الكُبرَى، وابنُ ماجَه، وقال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ.
ولأنَّ العامِدَ غيرُ معذورٍ.
مسألة: تَحمِل العاقلةُ قَتلَ الخطأِ وشِبهِ العَمدِ؛ لِما رُوي عن أَبي هريرةَ ﵁ قال:"اقتَتلَت امرَأَتان مِنْ هُذَيلٍ فرَمَت إحداهُما الأخرَى بحَجَرٍ، فقتَلَتها وما في بَطنِها، فقضَى النبيُّ ﷺ أنَّ دِيَةَ جَنينِها غُرَّةٌ، عبدٌ أو وَلِيدةٌ، وقضَى بِدِيَةِ المرأةِ على عاقِلَتِها". متَّفق عليه.
وقد أَجمعَ أَهلُ العِلمِ على أنَّ دِيَةَ جِنايةِ الخطأِ على العاقلةِ بلا خلافٍ (المُغنِي ٧/ ٦٥٠ - ٦٥١). قال ابنُ المنذِر (الاجماع له ص ١٥١): "وأَجمعَ أهلُ العلمِ أنَّ دِيَةَ الخطأِ تَحمله العاقلةُ" لِما تقدَّم مِنْ الأدِلَّة في البابِ.
وعَمدُ الصَّبيِّ والمجنونِ حالَ جُنونِه على العاقلةِ؛ إذْ هو مِنْ الخطأِ.