قال راشد بن علقمة الأهوازي كانت حيونة إذا جنها الليل تقول في دعائها: يا واحدي تمنعني بالليل التلاوة، ثم تقطعني عنك بك في ضياء النهار. إلهي! وددت أن النهار ليل حتى أتمتع بقربك.
قال سلام الأسود طلعت عليها الشمس يوماً فآذتها فقالت:
إن كنت تعلم أنني بك واله ... فاصرف سموم الشمس عني سيدي
قال فغمت السماء في الوقت.
قال سلام صامت حيونة حتى اسودت، فعوتبت في ذلك فرفعت طرفها إلى السماء وقالت قد لامني خلقك في خدمتك فوعزتك وجلالك لأخدمنك حتى لا يبقى لي عصب ولا قصب. ثم أنشأت تقول.
يا ذا الذي وعد الرضى لحبيبه ... أنت الذي ما أن سواك أُريد
قال سلام الأسود نظرت إليها في يوم شديد الحر، فقالت اسكت عند المبلغ تفرح الواردون، وعند العرض تنقطع الأسباب، وعند قوله خذوه تنشر أعلام العارفين.
زارت رابعة حيونة فلما كان جوف الليل حمل النوم على رابعة. فقامت إليها حيونة فركلتها برجلها وهي تقول قومي قد جاء عرس المهتدين. يا من زين عرائس الليل بنور التهجد.
قال سلام وقفت حيونة يوماً على عبد الواحد ثم نادت يا متكلم تكلم عن نفسك، والله لو مت ما تبعت جنازتك. قال ولم؟ قالت تتكلم على الخليفة وتتقرب لهم! ما شبهتك إلا بمعلم صبي علمه أن يحفظ بالعشي فإذا بكر من بيت أمه نسي.