للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فخرجت فإذا أنا بغلام ذاهب العقل، هائم مجنون مستوفز، فدخل الدار وقال: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فعلمت أنه جائع، فقدمت إليه شيئاً فأكل وشرب، ثم وثب إلى الباب وأنشأ يقول:

عليك اتكالي لا على الناس كلهم ... وأنت بحالي عالم لا تعلّم

وأقسمت أني كلما جعت سيدي ... سنفتح ستفتح لي باباً فأُسقى وأُطعم

قال الوليد السقاء: فقلت له توصيني بوصية فقال:

الزم الخوف مع الحزن ... وتقوى الله فأربح

وذر الدنيا مع الأخ ... رى فتقوى الله أرجح

فاجتهد في ظلمة اللي ... ل إذا ما الليل أجنح

واسأل الله ذنوبك ... فعللّ الله يصفح

[رجل]

قال مالك بن دينار: مررت ببعض سكك البصرة، فإذا الصبيان يرمون رجلاً بالحجارة ويقولون: هو يزعم إنه يرى ربه على الدوام. قال فزجرت عنه الصبيان، وقلت له: ما الذي يزعم هؤلاء؟ قال وما يزعمون؟ قلت يزعمون انك تزعم ترى ربك على الدوام، فبكى، وقال والله! ما فقدته لما أطعته. ثم أنشأ يقول:

على بعدك لا يصبر ... من عادته القرب

ولا يقوى على هجرك ... من تيمه الحب

لئن لم ترك العين ... فقد أبصرك القلب

ولبعض المجانين: احذروا الأقارب فإنهم العقارب، ثم قال: وأخبث العقارب، أقرب الأقارب. فربما لم يصدر عن العقلاء، ما صدر عن المجانين.

<<  <   >  >>