للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال أبو الديك: كذب الشاعر لا يكون المعروف معروفاً حتى يصرف في أهله، وفي غير أهله، ولو كان لا يصرف إلا في أهله، كيف كان ينالني منه شيء. وأنا معتوه، وكنيتي أبو الديك.

[عبد الرحمن الأشعث]

قال سيف بن سوار قاضي واسط: كان عبد الرحمن بن الأشعث الكوفي جاراً لنا، وكان جميلاً وسيماً من أمثل أهل زمانه، وكان يقدم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وكان أهله على غير ذلك ثم غلبت عليه المرة فأحرقته وطيرته وكان إذا خرج من بيته أولع به الصبيان يؤذونه ويقولون: يا ذحموية فلا يجيبهم. وإذا قيل له يا عبد الرحمن قال لبيتكم أنا عبد الرحمن. فرأيته يوماً والصبيان يرمونه بالحجارة فقلت له ارميهم وكفهم عنك قال لا أفعل يمنعني من ذلك خصلتان خوف الله عز وجل وأن أكون مثلهم.

فمر بي ذات يوم وأنا جالس أقرأ كتاب الصلوات لمحمد بن الحسن وكان أخي إلى جنبي وكان مكتوفاً أسن مني وكان أحد الصالحين فقلت يا عبد الرحمن لو جلست فسمعت. فقال وكيف يا ابن جابر إنما يصيد كل طائر قدره. ثم قال يا ابن جابر لئن أعجبت بحالك عندها ولا الذين حولك ليعجبني أخوك هذا يوم القيامة بمكانه من الله إن شاء الله تعالى. فبكى أخي حتى سقط على وجهه وهو واقف ينظر إليه. ثم قال يا ابن جابر لأني أنظر إلى استبشار الملائكة ببكائك. فغشي على أخي فحمل. ثم قال يا سيف بن جابر اخزن لسانك، كما تخزن دراهمك. وإذا أعجبك الكلام فاصمت. قال: فقلت له اجلس وما أقول لك إلا لآنس بك. قال: أقول يا ابن جابر ما قال نبيه أيوب عليه السلام رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فما بقي منا واحد إلا بكى!

<<  <   >  >>