ليس القلوب تفوز أنس أنيسها ... فتحيرت بين المحبة والهوى
قال الملاح: زن، قال بعثنا إلى الخازن ليزن لك، قال وأين الخازن؟ قال في البحر صيرفي خازن. قال ذو النون فبينا نحن في ذلك إذ هاج موج عظيم فخرجت منه سمكة فاغرة فاها مملوء فوها دنانير، فجاءت حتى وقفت بقرب الأسود. فقال الأسود يا ملاح! خذها إليك وإياك أن تسرق فأخذ منها ديناراً، فلما خرجنا سألت عنه فقيل هذا مجنون لم يفطر منذ خمسين سنة لا يطعم في الشهر إلا مرة.
[شاب مجنون]
قال المبرد: دخلت دار المرضى فإذا أنا بشاب مقيد إلى جدار. فقال لي من أنت وما حرفتك؟ فسكت. فنظر إلى المحبرة في يدي، فقال أمن أهل الحديث وحملة الآثار؟ أم أهل الأدب والنحو؟ قلت من أهل الأدب والنحو. قال من أصحاب من؟ قلت من أصحاب أبي عثمان المازني. قال فهل لك معرفة بصاحبه الذي قعد في مكانه؟ قلت إني به لعارف. قال ما سمعت في نسبه؟ قلت يقولون أنه من ثمالة الأزد. قال أنه مطعون فيه. قلت لا. قال قد قال عبد الصمد فيه:
سألنا عن ثمالة كل حيّ ... فقال القائلون ومن ثماله
فقلت محمد بن يزيد منهم ... فقالوا: زدتنا بهم جهاله
[ولد مجنون]
قال معقل بن علي: كان عندنا بالمدينة رجل من ولد كثير بن الصلت حسن الوجه، نظيف الثياب، كثير المال، ملازماً لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فغلبت عليه المرة، فأحرقته فذهب عقله، فكان بعد ذلك يجلس في المزابل، فمررت به ذات يوم. فقلت له يا ابن كثير! عز علي ما أرى بك. فقال الحمد لله الذي لم يجعلني ساخطاً لقضائه وقدره، يا أخا الأنصار روى أهل العراق أن عطاءً الخراساني كان يغازيهم في سبيل الله، فيقوم الليل