اللهم! هذا البيت بيتك، وهذا الحرم حرمك، وهذا حجر إسماعيل نبيك. اللهم! أنت ذو الجلال والإكرام.
ثم أتى منىً والناس أجمع ما كانوا. فصلى صلاة الفجر ثم قام قائماً على قدميه ثم قال: أيها الناس! أليس إلى الله قصدتم وما عنده طلبتم؟ فإذا سألتموه فابتهلوا. وإذا دعوتموه فاخضعوا. والحجاج فالعنوا فإنه نجس الولادة اللهم! فلا تنجه من سخطك واحرمه رحمتك التي وسعت كل شيء. إنك ذو الجلال والإكرام. قال فاجتمع الناس إليه وقالوا له: أيها الرجل: من أين أنت؟ قال من بلاد الله. قالوا فأين تأوي؟ قال إلى أرض الله. قالوا: فما قصتك وقصة الحجاج؟ أظلمك بشيء؟ قال نعم. قالوا ماذا؟ قال: قصد بيت ربي فنجسه، وقتل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأهان. فوجبت اللعنة عليه، واستوجب منا العداوة. ولم أعرف موضعاً أجل من هذه الثنية. موضع ولد فيه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فأحببت أن أُتعب نفسي من أجله وبالدعاء عليه. ثم مر يسحب كساءه، وقد تبين فيه أثر الجوع، فاتبعه رجل من التجار فقال السلام عليك يا أبا المبارك! قال وعليك السلام يا وافد الله! قال لي إليك حاجة. قال وما هي؟ قال تأتي منزلي فتأكل كسرة خبز وتشرب شربة من سويق. قال على شرط. قال وما شرطك؟ قال ألا تكون ظالماً ولا عوناً لظالم. فما عملك؟ قال تاجر. قال أفما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحشر التجار فجاراً إلا من اتقى وبر وصدق. قال فإني لا أمدح عند البيع ولا أذم عند الشرى. قال منك يا أخي طاب القرى. قال فأتى إلى رحله فأكل رغيفاً وملحاً ولم يزد عليه بشيء. ثم قال يا أخي! أوصني. قال خف الله خوف حذر، وارجه رجاء متملق، وعليك بأكل الحلال، وبذل النوال لأهل الأقلال، وادخل الجنة بسلام. قال فأعجبني ما سمعت من قوله. قال فلما انقضى الموسم أقبل أصحاب الحجاج إلى الحجاج وأخبروه بخبر ميمون وقالوا ما منعنا من أخذه إلا العامة وجلبتهم. والغوغاء وضجتهم. قال فدعا الحجاج بقائد من قواده من خاصة أصحابه. وقال سر في البلاد واطلب هذا الرجل، ولك الجباء والجائزة.