قال الفتح بن سالم كان سعدون سياحاً لهجاً بالقول فرأيته يوماً بالفسطاط قائماً على حلقة ذي النون وهو يقول يا ذا النون متى يكون القلب أميراً بعد أن كان أسيراً فقال ذو النون:
إذا اطلع الخبير على الضمير ... ولم ير في الضمير سوى الخبير
قال فصرخ سعدون وخر مغشياً عليه، ثم أفاق فقال:
ولا خير في شكوى إلى غير مشتكي ... ولا بد من شكوى إذا لم يكن صبر
ثم قال استغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال يا أبا الفيض إن من القلوب قلوباً تستغفر الله قبل أن تذيب قال: نعم نبأت قبل أن تطيع أولئك قوم أشرقت قلوبهم بضياء روح اليقين، ثم قال: أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء كن لي بكليتك أكن لك وقل للمطيعين إن لم تطيعوني فلا تقربوا مني.
وكان ابن أبي أوفى يقول قعدنا في جزيرة من الجزائر نتشارب المز وفينا شيخ يغني ويقول:
أما النبيذ فلا يذعرك شاربه ... واحفظ ثيابك ممن شربه الماء
وإذا رجل يهتف: كذبت يا شيخ:
أما النبيذ فقد يذري بصاحبه ... ولا أرى شارباً يذري به الماء
فالتفتنا فإذا سعدون المجنون.
قال عطاء التيمي: كنت أبني فأشرفت من بعض الجدران فإذا سعدون يكتب بقطعة فحم على جدار:
ما حال من سكن الثرى ما حاله ... أمسى وقد رتّ هناك حباله
أمسي ولا روح الحياة يصيبه ... أبداً ولا لطف الحبيب يناله