للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فواضح أن الحافظ البرديجي يطلق المنكر على الحديث الذي ينفرد به راويه ولو كان ثقة حافظاً كشعبة وابن أبي عروبة وهشام الدستوائي ونحوهم.

إذن فهذا التقرير من الحافظ ابن رجب يوهن توجيهه السابق لاستنكار البرديجي وابن أبي حاتم للحديث السابق.

وأما الحافظ ابن حجر فقد وجه نقد البرديجي للحديث على أساس أنه يسمى ما ينفرد به الراوي منكراً إذا لم يكن له متابع، ومقتضى هذا أن النكارة لا تزول على الحديث إلا بمعرفته من وجه آخر، وقد صرح بهذا الحافظ ابن رجب حيث قال معلقاً على استنكار يحيى القطان لحديث "لا تسافر امرأة فوق ثلاثة أيام" (١) " وهذا الكلام يدل على أن النكارة عند يحيى القطان لا تزول إلا بمعرفة الحديث من وجه آخر، وكلام أحمد قريب من ذلك " (٢) .

وقد حقق شيخنا حمزة المليباري هذه المسألة جيداً جمع فيها بين أقوال هؤلاء النقدة وصنيعهم من خلال ممارستهم النقدية، قال - حفظه الله -: "والحق الذي أميل إليه أن الإمام أحمد ويحيى والبرديجي لا يستنكرون الحديث لمجرد تفرد ثقة من الثقات، وإنما يستنكرونه إذا لم يعرف من مصادر أخرى، إما براوية ما يشهد له من معنى الحديث أو بالعمل بمقتضاه، ومما يمكن الاستئناس به لتقرير قول الحافظ البرديجي: (إذا روى الثقة من طريق صحيح الواحد، لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفاً ولا يكون منكراً ولا معلولاً) (٣) .

وقول أحمد: (شر الحديث الغرائب التي لا يعمل بها) (٤) .


(١) رواه مسلم: في الحج رقم ٤١٢: ج٢ ص٩٧٥ ورقم ٤١٤ و ٤١٧: ج٢ ص٩٧٥-٩٧٦، ورواه الترمذي عن أبي سعيد: السنن: ج٣ ص٤٧٣.
(٢) شرح العلل ص٢٥٤.
(٣) المصدر نفسه ص٢٥٣.
(٤) الكفاية ص١٧٢.

<<  <   >  >>