للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والظاهر أن المعلق لم يدرك أن النقاد إذا حكموا بترجيح الموصول على المرسل أو العكس، فإن ذلك لا يقتضي صحة الحديث في نفس الأمر، وإنما هو حكم بما هو الصواب المطابق للواقع، أي كيف حدث هذا الراوي المختلف عليه في الحديث، ثم الحكم على الحديث بعد ذلك قوة أو ضعفاً متوقف على النظر في كل شروط الصحة الأخرى.

ولعل البخاري لم يخرج هذا الحديث مسنداً، لضعف بعض رواته، أو لوجوه الاختلاف فيه، وإخراج ما هو مجمع على صحته أولى، إذا كان في نفس معناه، كما هو الحال في هذه المسالة فقد أورد فيها الإمام البخاري ثلاث آيات وأربعة أحاديث صحيحة.

وعلى العموم حديث " لا نكاح إلا بولي " أقل أحواله أن يكون حسناً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكثرة شواهده وقد أشار إليها الترمذي بقوله: "وفي الباب عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة وعمران بن حصين وأنس" (١) والجمهور على العمل به ومنهم سفيان الثوري رحمه الله ولم يخالف في ذلك إلا أبو حنيفة – رحمه الله -.

أمثلة لأحاديث رجح فيها الإمام البخاري الإرسال على الوصل:

ذكرت في الأمثلة السابقة أحاديث رجح فيها الإمام البخاري الوصل على الإرسال وقد نقلت من أقوال الحافظ المتأخرين ما يدل على أن هذا ليس عملاً مطرداً للإمام البخاري، وادعم تلك النقول بهذين المثالين مما رجح فيه البخاري الإرسال على الوصل بالرغم من أن الواصل ثقة.

المثال الأول:

ما رواه الثوري عن محمد بن أبي بكر بن حزم عن عبد الملك بن


(١) جامع الترمذي: ج٢ ص١٧٥، وانظر تخريجها في التحفة في نفس الموضوع.

<<  <   >  >>