وَسُئِلَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى حَمْزَةَ ثُمَّ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ، وَشَرَطَ
أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِينَ مِنْ إخْوَتِهِ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَلَهُ وَلَدٌ اسْتَحَقَّ وَلَدُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى لَوْ كَانَ حَيًّا، فَمَاتَ حَمْزَةُ وَخَلَفَ وَلَدَيْنِ وَهُمَا: عِمَادُ الدِّينِ وَخَدِيجَةُ.
وَوَلَدَ وَلَدٍ مَاتَ أَبُوهُ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ وَهُوَ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ مُؤَيِّدِ الدِّينِ ابْنِ حَمْزَةَ فَأَخَذَ الْوَالِدَانِ نَصِيبَهُمَا، وَوَلَدُ الْوَلَدِ نَصِيبَ الَّذِي لَوْ كَانَ حَيًّا أَبُوهُ لَأَخَذَهُ، ثُمَّ مَاتَتْ خَدِيجَةُ.
فَهَلْ يَخْتَصُّ أَخُوهَا بِالْبَاقِي أَوْ يُشَارِكُهُ مَعَ وَلَدِ أَخِيهِ نَجْمِ الدِّينِ؟ .
فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ فِيهِ اللَّفْظَانِ فَيَحْتَمِلُ الْمُشَارَكَةَ، وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ اخْتِصَاصُ الْأَخِ وَيُرَجِّحُهُ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْأُخُوَّةِ وَعَلَى الْبَاقِينَ مِنْهُمْ كَالْخَاصِّ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ كَالْعَامِّ فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ (انْتَهَى) .
هَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدَهُ الْأَسْيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَا أَذْكُرُ حَاصِلَ السُّؤَالِ وَحَاصِلَ جَوَابِ السُّبْكِيّ، وَحَاصِلَ مَا خَالَفَ فِيهِ الْأَسْيُوطِيَّ، ثُمَّ أَذْكُرُ بَعْدَهُ مَا عِنْدِي فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَطَلْتُ فِيهَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا، وَقَدْ أَفْتَيْتُ فِيهَا مِرَارًا.
أَمَّا حَاصِلُ السُّؤَالِ: الْوَاقِفُ وَقَفَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ مُرَتِّبًا بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَشَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَيْهِ وَعَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَلَهُ وَلَدٌ، قَامَ مَقَامَهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا، فَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ الْوَلَدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ثَلَاثَةٍ وَوَلَدَيْ ابْنٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ، ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَنْ وَلَدَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ وَاحِدٌ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ.
وَحَاصِلُ جَوَابِ السُّبْكِيّ: أَنَّ مَا خَصَّ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ النِّصْفُ مَقْسُومٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا شَيْءَ لِوَلَدَيْ ابْنِهِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ.
وَمَنْ مَاتَ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ رُدَّ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ فَيَكُونُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا.
وَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ مَا دَامَ أَهْلُ طَبَقَةِ أَبِيهِ.
ثُمَّ مَنْ مَاتَ بَعْدَهُمْ يُقَسَّمُ نَصِيبُهُ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِالسَّوِيَّةِ، فَيَدْخُلُ وَلَدُ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَيَزُولُ الْحَجْبُ عَنْ وَلَدَيْ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ مَا دَامَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ انْتَقَلَ
نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَيُقَسَّمُ الرُّبْعُ عَلَى هَذَا، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَتَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الثَّانِي عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ إلَى أَنْ يَنْقَرِضَ أَهْلُ تِلْكَ الطَّبَقَةِ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ، وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.
وَهَكَذَا يُفْعَلُ فِي كُلِّ بَطْنٍ.