للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحَدَهُمَا مَاتَ عَنْ عَشَرَةِ أَوْلَادٍ، وَالثَّانِي عَنْ وَلَدٍ وَاحِدٍ، وَالْوَلَدُ خَلَفَ وَلَدًا وَاحِدًا، وَهَكَذَا إِلَى

الْبَطْنِ الْعَاشِرِ.

وَمَنْ مَاتَ عَنْ عَشْرَةِ وَخلَفَ كُلٌّ أَوْلَادًا حَتَّى وَصَلُوا إلَى الْمِائَةِ فِي الْبَطْنِ الْعَاشِرِ يُعْطَى لِلْوَاحِدِ نِصْفُ الْوَقْفِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَ الْمِائَةِ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى؛ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ لِوَلَدِهِ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَهُ وَفَرْعَ غَيْرِهِ؛ فَلَا حَقَّ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَوْجُودًا، وَإِنْ اشْتَرَطَ الِانْتِقَالَ إلَى الْوَلَدِ فَالْمُرَادُ أَنَّ الْأَصْلَ يَحْجُبُ فَرْعَ نَفْسِهِ لَا فَرْعَ غَيْرِهِ، لَكِنْ يَقَعُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأَوْقَافِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، ثُمَّ يَقُولُونَ: تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا السُّفْلَى.

وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ وَإِنْ حَجَبَ الْعُلْيَا السُّفْلَى.

وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ ثُمَّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ، كَانَ مَا بَعْدَ ثُمَّ تَأْكِيدًا لِأَنَّ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ مُسْتَفَادٌ مِنْ ثُمَّ.

كَمَا أَفَادَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَلَّامَةَ عَبْدَ الْبَرِّ بْنَ الشِّحْنَةِ نَقَلَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ عَنْ فَتَاوَى السُّبْكِيّ وَاقِعَتَيْنِ غَيْرَ مَا نَقَلَهُ الْأَسْيُوطِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ نَسَبَ السُّبْكِيَّ إلَى التَّنَاقُضِ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ خَطَّهُ تَحْتَ جَوَابِ ابْنِ الْقَمَّاحِ بِشَيْءٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ فَرَجَعَ عَنْهُ، وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ، وَنَظَّمَ لِلْوَاقِعَةِ أَبْيَاتًا.

فَمَنْ رَامَ زِيَادَةَ الِاطِّلَاعِ فَلْيَرْجِعْ إلَيْهِ.

وَلَمْ تَزَلْ الْعُلَمَاءُ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ مُخْتَلِفِينَ فِي فَهْمِ شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ إلَّا مَنْ رَحِمَهُ اللَّهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَالْمُيَسِّرُ لِكُلِّ عَسِيرٍ.

تَنْبِيهٌ [التَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ]

يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُمْ: التَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ.

فَإِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَهُمَا تَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ

وَلِذَا قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ التَّأْكِيدَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً.

ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْكِنَايَاتِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ: إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، ثُمَّ حَلَفَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينَيْنِ، وَإِنْ نَوَى بِالثَّانِي الْأَوَّلَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: إذَا حَلَفَ بِأَيْمَانٍ

فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ، وَالْمَجْلِسُ وَالْمَجَالِسُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ قَالَ: عَنَيْتُ بِالثَّانِي الْأَوَّلَ لَمْ يَسْتَقِمْ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى.

وَلَوْ حَلَفَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ يَسْتَقِيمُ.

وَفِي الْأَصْلِ أَيْضًا: لَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا يَمِينٌ

<<  <   >  >>