للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْإِبْرَاءُ، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَالُوا: التَّعَاطِي ضَمِنَ عَقْدَ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ، كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَالُوا: لَوْ قَالَ بِعْتُكَ دَمِي بِأَلْفٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْإِذْنِ بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِبُطْلَانِهِ فَبَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ

وَقَالُوا، كَمَا فِي الْخِزَانَةِ لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعَمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا.

فَقُلْتُ: لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ لَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا، وَقَالُوا: لَوْ جَدَّدَ النِّكَاحَ لِمَنْكُوحَتِهِ بِمَهْرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ.

فَقُلْتُ لِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ لَمْ يَصِحَّ فَلَمْ يَلْزَمْ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْمَهْرِ، وَقَدْ اسْتَثْنَى فِي الْقُنْيَةِ مَسْأَلَتَيْنِ يَلْزَمُ فِيهِمَا لَوْ جَدَّدَهُ لِلزِّيَادَةِ لَا لِلِاحْتِيَاطِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَبْرِئِينِي فَإِنِّي أُمْهِرُكِ مَهْرًا جَدِيدًا؛ فَأَبْرَأَتْهُ فَجَدَّدَ لَهَا، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ: اشْتَرَى جَامِعًا مَعَ أَوْقَافِهِ وَوَقْفِهِ وَضَمَّهُ إلَى وَقْفٍ آخَرَ وَشَرَطَ لَهُ شُرُوطًا.

فَأَفْتَيْتُ بِبُطْلَانِ شُرُوطِهِ لِبُطْلَانِ الْمُتَضَمَّنِ، وَهُوَ شِرَاءُ الْجَامِعِ وَوَقْفِهِ فَبَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَقَالُوا: لَوْ اشْتَرَى يَمِينَهُ بِمَالٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ (انْتَهَى) .

قُلْتُ: لِأَنَّ الشِّرَاءَ لِمَا بَطَلَ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ إسْقَاطِ الْيَمِينِ، ثُمَّ قُلْتُ: يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّعَ عَلَيْهِ: لَوْ بَاعَ وَظِيفَتَهُ فِي الْوَقْفِ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا تَخْرِيجًا عَلَى هَذِهِ، وَخَرَجَ عَنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْبُيُوعِ: لَوْ بَاعَهُ الثِّمَارَ وَآجَرَهُ الْأَشْجَارَ طَابَ لَهُ تَرْكُهَا مَعَ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ؛ فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ: أَنْ لَا يَطِيبَ لِثُبُوتِ الْإِذْنِ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ

وَمِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْمُكَاتَبِ: لَوْ أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ عَتَقَ وَبَقِيَ الْبَدَلُ، مَعَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ مُتَضَمِّنٌ لِلْعِتْقِ، وَقَدْ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ بِالرِّدِّ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْعِتْقِ، وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّفْعَةِ: لَوْ صُولِحَ الشَّفِيعُ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ لَكِنْ كَانَ إسْقَاطًا لِلشُّفْعَةِ، مَعَ أَنَّ الْمُتَضَمِّنِ لِلْإِسْقَاطِ صَالَحَهُ وَقَدْ بَطَلَ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا فِي ضِمْنِهِ

وَقَالُوا: لَوْ بَاعَ شُفْعَتَهُ بِمَالِ لَمْ يَصِحَّ وَسَقَطَتْ فَقَدْ بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْمُتَضَمَّنُ،

وَقَالُوا: لَوْ قَالَ الْعِنِّينُ لِامْرَأَتِهِ أَوْ الْمُخَيِّرُ لِلْمُخَيَّرَةِ: اخْتَارِي تَرْكَ الْفَسْخِ بِأَلْفٍ، فَاخْتَارَتْ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالُ وَسَقَطَ خِيَارُهَا. فَقَدْ بَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ لَا مَا فِي ضِمْنِهِ.

وَقَالُوا الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِمَنْزِلَةِ الشُّفْعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَجِبُ الْمَالُ وَتَسْقُطُ.

فَائِدَةٌ: يَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلُهُمْ: الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا مَسْأَلَةُ الدَّفْعِ الصَّحِيحِ لِلدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ صَحِيحٌ، عَلَى الْمُخْتَارِ. وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ.

ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ فِي الدَّعْوَى، وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الشَّرْحِ فَائِدَةَ صِحَّتِهِ بَعْدَ فَسَادِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ

<<  <   >  >>