الثَّالِثُ: لَمْ أَرَ بِمَاذَا تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالْإِهْدَاءِ لِلْقَاضِي الْمُقْتَضِيَةُ لِلْقَبُولِ؟
الْمَبْحَثُ الثَّانِي: إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ إذَا اطَّرَدَتْ أَوْ غَلَبَتْ
وَلِذَا قَالُوا فِي الْبَيْعِ: لَوْ بَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ
وَكَانَا فِي بَلَدٍ اخْتَلَفَ فِيهِ النُّقُودُ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ انْصَرَفَ الْبَيْعُ إلَى الْأَغْلَبِ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَيَنْصَرِفُ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ
وَمِنْهَا لَوْ بَاعَ التَّاجِرُ فِي السُّوقِ شَيْئًا بِثَمَنٍ، وَلَمْ يُصَرِّحَا بِحُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ، وَكَانَ الْمُتَعَارَفُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ كُلَّ جُمُعَةٍ قَدْرًا مَعْلُومًا انْصَرَفَ إلَيْهِ بِلَا بَيَانٍ.
قَالُوا: لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ.
وَلَكِنْ إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِيَ تَوْلِيَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ التَّقْسِيطَ لِلْمُشْتَرِي هَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ لِكَوْنِهِ حَالًّا بِالْعَقْدِ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي التَّوْلِيَةِ.
وَمِنْهَا فِي اسْتِئْجَارِ الْكَاتِبِ، قَالُوا الْحِبْرُ عَلَيْهِ وَالْأَقْلَامُ، وَالْخَيَّاطُ قَالُوا: الْخَيْطُ وَالْإِبْرَةُ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكُحْلُ عَلَى الْكَحَّالِ لِلْعُرْفِ
وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ طَعَامُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ عَلْفِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَسَدَتْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّة
بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِطَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لِلْعُرْفِ، وَتَفَرَّعَ عَلَى أَنَّ عَلْفَ الدَّابَّةِ عَلَى مَالِكِهَا دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ إذْ الْمُسْتَأْجِرُ لَوْ تَرَكَهَا بِلَا عَلْفٍ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
وَمِنْهَا مَا فِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ: بَعَثَ شَمْعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ فَاحْتَرَقَ، وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ، وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ (انْتَهَى)
وَمِنْهَا الْبَطَالَةُ فِي الْمَدَارِسِ، كَأَيَّامِ الْأَعْيَادِ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَشَهْرِ رَمَضَانَ فِي دَرْسِ الْفِقْهِ لَمْ أَرَهَا صَرِيحَةً فِي كَلَامِهِمْ.
وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَإِنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الْمَعْلُومِ شَيْءٌ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِبَطَالَةِ الْقَاضِي، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَخْذِ الْقَاضِي مَا رُتِّبَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي يَوْمِ بَطَالَتِهِ، فَقَالَ فِي الْمُحِيطِ: إنَّهُ يَأْخُذُ فِي يَوْمِ الْبَطَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَرِيحُ لِلْيَوْمِ الثَّانِي.
وَقِيلَ: لَا يَأْخُذُ (انْتَهَى) .
وَفِي الْمُنْيَةِ: الْقَاضِي يَسْتَحِقُّ الْكِفَايَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي يَوْمِ الْبَطَالَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ، وَقَالَ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الْمَدَارِسِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ