الِاسْتِصْنَاعِ لِلْحَاجَةِ، وَدُخُولُ الْحَمَّامِ مَعَ جَهَالَةِ مُكْثِهِ فِيهَا وَمَا يَسْتَعْمِلُهُ مِنْ مَائِهَا، وَشَرْبَةُ السَّقَّاءِ، وَمِنْهَا الْإِفْتَاءُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْوَفَاءِ حِينَ كَثُرَ الدَّيْنُ عَلَى أَهْلِ بُخَارَى وَهَكَذَا بِمِصْرَ وَقَدْ سَمَّوْهُ بَيْعَ الْأَمَانَةِ، وَالشَّافِعِيَّةُ يُسَمُّونَهُ الرَّهْنَ الْمُعَادَ، وَهَكَذَا سَمَّاهُ بِهِ فِي الْمُلْتَقَطِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ وَالْبُغْيَةِ: يَجُوزُ لِلْمُحْتَاجِ الِاسْتِقْرَاضُ بِالرِّبْحِ (انْتَهَى)
الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ: الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ
وَأَصْلُهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ} قَالَ الْعَلَائِيُّ: لَمْ أَجِدْهُ مَرْفُوعًا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ أَصْلًا، وَلَا بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ بَعْدَ طُولِ الْبَحْثِ، وَكَثْرَةِ الْكَشْفِ وَالسُّؤَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي الْفِقْهِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ حَتَّى جَعَلُوا ذَلِكَ أَصْلًا، فَقَالُوا فِي الْأُصُولِ فِي بَابِ مَا تُتْرَكُ بِهِ الْحَقِيقَةُ: تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ بِدَلَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْعَادَةِ.
كَذَا ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ.
فَاخْتُلِفَ فِي عَطْفِ الْعَادَةِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فَقِيلَ: هُمَا مُتَرَادِفَانِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ نَقْلُ اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ الْأَصْلِيِّ إلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ شَرْعًا، وَغَلَبَةُ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ، وَمِنْ الْعَادَةِ نَقْلُهُ إلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ عُرْفًا، وَتَمَامُهُ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ.
وَذَكَرَ الْهِنْدِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي: الْعَادَةُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَسْتَقِرُّ فِي النُّفُوسِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُتَكَرِّرَةِ الْمَقْبُولَةِ عِنْدَ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ
وَهِيَ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ:
الْعُرْفِيَّةُ الْعَامَّةُ، كَوَضْعِ الْقَدَمِ،
وَالْعُرْفِيَّةُ الْخَاصَّةُ: كَاصْطِلَاحِ كُلِّ طَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، كَالرَّفْعِ لِلنُّحَاةِ، وَالْفَرْقِ وَالْجَمْعِ وَالنَّقْضِ لِلنُّظَّارِ.
وَالْعُرْفِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ: كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، تُرِكَتْ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةُ بِمَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةِ (انْتَهَى) .
فَمَا فُرِّعَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: حَدُّ الْمَاءِ الْجَارِي، الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا،
وَمِنْهَا وُقُوعُ الْبَعْرِ الْكَثِيرِ فِي الْبِئْرِ؛ الْأَصَحُّ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا يَسْتَكْثِرُهُ النَّاظِرُ.
وَمِنْهَا حَدُّ الْمَاءِ الْكَثِيرِ الْمُلْحَقِ بِالْجَارِي، الْأَصَحُّ تَفْوِيضُهُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ لَا التَّقْدِيرُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُشْرِ وَنَحْوِهِ،
وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، قَالُوا: لَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ يُرَدُّ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ الْعَمَلُ الْمُفْسِدُ لِلصَّلَاةِ مُفَوَّضٌ إلَى