للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفَسَّرَهُ فِي الْمُغْرِبِ بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الرَّجُلُ أَخَاهُ ابْتِدَاءً وَلَا جَزَاءً (انْتَهَى) .

وَذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَيُبْتَنَى عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَثِيرٌ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ.

فَمِنْ ذَلِكَ؛ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَجَمِيعُ أَنْوَاعِ الْخِيَارَاتِ، وَالْحَجْرُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَالشُّفْعَةُ فَإِنَّهَا لِلشَّرِيكِ؛ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ، وَلِلْجَارِ لِدَفْعِ ضَرَرِ جَارِ السَّوْءِ (بِجِيرَانِهَا تَغْلُو الدِّيَارُ وَتَرْخُصُ) .

وَالْقِصَاصُ وَالْحُدُودُ، وَالْكَفَّارَاتُ وَضَمَانُ الْمُتْلَفَاتِ وَالْجَبْرُ عَلَى الْقِسْمَةِ بِشَرْطِهِ؛ وَنَصْبُ الْأَئِمَّةِ وَالْقُضَاةِ وَدَفْعُ الصَّائِلِ وَقِتَالُ الْمُشْرِكِينَ وَالْبُغَاةِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ: بَاعَ أَغْصَانَ فِرْصَادٍ، وَالْمُشْتَرِي إذَا ارْتَقَى لِقَطْعِهَا يَطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْجِيرَانِ؛ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُخْبِرَهُمْ وَقْتَ الِارْتِقَاءِ؛ لِيَسْتَتِرُوا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ؛ لِيَمْنَعَهُ مِنْ الِارْتِقَاءِ (انْتَهَى)

وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا مُتَّحِدَةٌ أَوْ مُتَدَاخِلَةٌ، وَتَتَعَلَّق بِهَا قَوَاعِدُ: الْأُولَى: الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ،

وَمِنْ ثَمَّ جَازَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ، وَالتَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ لِلْإِكْرَاهِ وَكَذَا إتْلَافُ الْمَالِ، وَأَخْذُ مَالِ الْمُمْتَنِعِ الْأَدَاءِ مِنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَفْعُ الصَّائِلِ، وَلَوْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ.

وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِشَرْطِ عَدَمِ نُقْصَانِهَا؛ قَالُوا: لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ أَعْظَمُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ مُهْجَةِ الْمُضْطَرِّ (انْتَهَى) .

وَلَكِنْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ مَا يُفِيدُهُ؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ بِقَتْلٍ لَا يُرَخَّصُ لَهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ أَثِمَ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ قَتْلِ نَفْسِهِ أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ قَتْلِ غَيْرِهِ.

وَقَالُوا:

لَوْ دُفِنَ بِلَا تَكْفِينٍ لَا يُنْبَشُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ هَتْكِ حُرْمَتِهِ أَشَدُّ مِنْ عَدَمِ تَكْفِينِهِ الَّذِي قَامَ السَّتْرُ بِالتُّرَابِ مَقَامَهُ.

وَكَذَا قَالُوا: لَوْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَأُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ؛ صُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ وَلَا يُخْرَجُ

الثَّانِيَةُ: مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا

وَلِذَا قَالَ فِي أَيْمَانِ الظَّهِيرِيَّةِ: إنَّ الْيَمِينَ الْكَاذِبَةَ لَا تُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ التَّعْرِيضُ، (انْتَهَى) .

يَعْنِي؛ لِانْدِفَاعِهَا بِالتَّعْرِيضِ،

وَمِنْ فُرُوعِهِ: الْمُضْطَرُّ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْمَيْتَةِ إلَّا قَدْرَ سَدِّ الرَّمَقِ وَالطَّعَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُؤْخَذُ

<<  <   >  >>