وَكَتَبْنَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ مِنْ الْقَضَاءِ الْبَاطِلِ الْقَضَاءَ بِخِلَافِ شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ كَمُخَالَفَةِ النَّصِّ،
وَفِي الْمُلْتَقَطِ: الْقَاضِي إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَجُزْ (انْتَهَى) .
فَعُلِمَ أَنَّ فِعْلَهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ، وَلِهَذَا صَرَّحُوا بِأَنَّ الْحَائِطَ إذَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ فَأَشْهَدُوا وَاحِدًا عَلَى مَالِكِهَا ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْقَاضِي لَمْ يَصِحَّ، كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
الْقَاعِدَةُ السَّادِسَةُ: {الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ}
وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْأَسْيُوطِيُّ، مَعْزِيًّا إلَى ابْنِ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا،
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ {ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ،
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا {ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِينَ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَأَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ}
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَوْقُوفًا (ادْرَءُوا الْحُدُودَ وَالْقَتْلَ عَنْ عِبَادِ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ)
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ.
وَالشُّبْهَةُ مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ، وَأَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ قَسَّمُوهَا إلَى شُبْهَةٍ فِي الْفِعْلِ، وَتُسَمَّى شُبْهَةَ الِاشْتِبَاهِ، وَإِلَى شُبْهَةٍ فِي الْمَحَلِّ؛ فَالْأُولَى تَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْحِلُّ، وَالْحُرْمَةُ فَظَنَّ غَيْرَ الدَّلِيلِ دَلِيلًا فَلَا بُدَّ مِنْ الظَّنِّ، وَإِلَّا فَلَا شُبْهَةَ أَصْلًا.
كَظَنِّهِ حِلَّ وَطْءِ جَارِيَةِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ، وَإِنْ عَلَا، وَوَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَائِنًا عَلَى مَالٍ، وَالْمُخْتَلِعَةِ أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ،، وَوَطْءِ الْعَبْدِ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ، وَالْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الْمَرْهُونَةِ فِي رِوَايَةٍ، وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ كَالْمُرْتَهِنِ.
فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا حَدَّ إذَا قَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي، وَلَوْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَجَبَ الْحَدُّ
وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الظَّنَّ وَالْآخَرُ لَمْ يَدَّعِ، لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُقِرَّا جَمِيعًا بِعِلْمِهِمَا بِالْحُرْمَةِ
وَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ:
جَارِيَةُ ابْنِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا