للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَثُرَ فِي زَمَانِنَا إجَارَةُ أَرْضِ الْوَقْفِ مَقِيلًا وَمَرَاحًا قَاصِدِينَ بِذَلِكَ لُزُومَ الْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ تُرْوَ بِمَاءِ النِّيلِ وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسْتَأْجَرْ لِلزِّرَاعَةِ، وَغَيْرِهَا وَهُمَا مَنْفَعَتَانِ مَقْصُودَتَانِ كَمَا فِي إجَارَةِ الْهِدَايَةِ: الْأَرْضُ تُسْتَأْجَرُ لِلزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لِغَيْرِ الزِّرَاعَةِ نَحْوِ الْبِنَاءِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَنَصْبِ الْفُسْطَاطِ وَنَحْوِهَا

وَفِي الْمِعْرَاجِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمَرْعَى أَيْ الْكَلَأِ، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ لِيَضْرِبَ فِيهَا فُسْطَاطًا أَوْ لِيَجْعَلَهَا حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ ثُمَّ يَسْتَبِيحُ الْمَرْعَى وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ الْحِيلَةَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا لِإِيقَافِ الدَّوَابِّ أَوْ مَنْفَعَةٍ أُخْرَى (انْتَهَى)

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقِيلَ مَكَانُ الْقَيْلُولَةِ، وَهِيَ نَوْمُ نِصْفِ النَّهَارِ؛

وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيرِ الْفُرْقَانِ: الْمَقِيلُ زَمَانُ الْقَيْلُولَةِ وَمَكَانُهَا، وَهُوَ الْفِرْدَوْسُ فِي الْآيَةِ وَهِيَ {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}

وَفِي الْقَامُوسِ: الْقَائِلَةُ نِصْفُ النَّهَارِ، قَالَ قَيْلًا وَقَائِلَةً

وَقَيْلُولَةً وَمَقَالًا وَمَقِيلًا (انْتَهَى) .

وَأَمَّا الْمَرَاحُ فَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: أَرْوَحَ الْإِبِلَ رَدَّهَا إلَى الْمَرَاحِ وَفِي الْمِصْبَاحِ الرَّوَاحُ رَوَاحُ الْعَشِيِّ، وَهُوَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى اللَّيْلِ، وَالْمُرَاحُ بِضَمِّ الْمِيمِ حَيْثُ تَأْوِي الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ، وَالْمُنَاخُ وَالْمَأْوَى مِثْلُهُ وَفَتْحُ الْمِيمِ بِهَذَا الْمَعْنَى خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ مَكَان وَاسْمُ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَالْمَصْدَرُ مِنْ أَفْعَلَ بِالْأَلِفِ مُفْعَلٌ بِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَأَمَّا الْمَرَاحُ بِالْفَتْحِ فَاسْمُ الْمَوْضِعِ، مِنْ رَاحَتْ بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَاسْمُ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ مِنْ الثُّلَاثِيِّ بِالْفَتْحِ، وَالْمَرَاحُ أَيْضًا الْمَوْضِعُ الَّذِييَرُوحُ الْقَوْمُ مِنْهُ أَوْ يَرُوحُونَ إلَيْهِ (انْتَهَى) .

فَرَجَعَ مَعْنَى الْمَقِيلِ فِي الْإِجَارَةِ إلَى مَكَانِ الْقَيْلُولَةِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا لَهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِنَصْبِ الْفُسْطَاطِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لِلْقَيْلُولَةِ، وَرَجَعَ مَعْنَى الْمَرَاحِ إلَى مَكَانِ مَأْوَى الْإِبِلِ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا لَهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِيقَافِ الدَّوَابِّ، أَوْ لِيَجْعَلَهَا حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ جَازَ

تَخْلِيَةُ الْبَعِيدِ بَاطِلَةٌ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَرْيَةً وَهُوَ بِالْمِصْرِ لَمْ تَصِحَّ تَخْلِيَتُهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ.

وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فِي إجَارَةِ الْأَوْقَافِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْقَرْيَةِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ فَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَوْ يُرْسِلَ وَكِيلَهُ أَوْ رَسُولِهِ إحْيَاءً لِمَالِ الْوَقْفِأَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِأَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ كَذَا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرِّيعَ دُونَهُ، وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ صَحَّ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ

<<  <   >  >>