للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ السَّنَةِ، وَشَبَهَ الصَّدَقَةِ لِتَصْحِيحِ أَصْلِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ ابْتِدَاءً، فَإِذَا مَاتَ الْمُدَرِّسُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ مَثَلًا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَقَبْلَ ظُهُورِهَا، وَقَدْ بَاشَرَ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ، يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ وَقْتَ قِسْمَةِ الْغَلَّةِ إلَى مُدَّةِ مُبَاشَرَتِهِ وَإِلَى مُبَاشَرَةِ مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ، وَيُبْسَطُ الْمَعْلُومُ عَلَى الْمُدَرِّسَيْنِ، وَيُنْظَرُ كَمْ يَكُونُ مِنْهُ لِلْمُدَرِّسِ الْمُنْفَصِلِ وَالْمُتَّصِلِ، فَيُعْطَى بِحِسَابِ مُدَّتِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ اعْتِبَارُ زَمَانِ مَجِيءِ الْغَلَّةِ وَإِدْرَاكِهَا كَمَا اُعْتُبِرَ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ، بَلْ يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُدَرِّسِ وَالْفَقِيهِ وَصَاحِبِ وَظِيفَةٍ مَا وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ وَالْأَعْدَلُ.

كَذَا حَرَّرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ زَمَنِ مَجِيءِ الْغَلَّةِ فِي حَقِّ الْأَوْلَادِ فِي غَيْرِ الْأَوْقَافِ الْمُؤَجَّرَةِ عَلَى الْأَقْسَاطِ الثَّلَاثَةِ، كُلَّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قِسْطٌ، فَيَجِبُ اعْتِبَارُ إدْرَاكِ الْقِسْطِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الرَّابِعِ حَتَّى تَمَّ وَهُوَ مَخْلُوقٌ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَمَنْ لَا فَلَا، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَة بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ لِلْوَقْفِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: مَا إذَا أَجَّرَهَا الْوَاقِفُ ثُمَّ أَرْتَدَّ ثُمَّ مَاتَ لِبُطْلَانِ الْوَقْفِ بِرِدَّتِهِ فَانْتَقَلَتْ إلَى وَرَثَتِهِ، وَفِيمَا إذَا أَجَّرَ أَرْضَهُ ثُمَّ وَقَفَهَا عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَاتَ تَنْفَسِخُ.

ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ فِي آخِرِ شَرْحِهِالنَّاظِرُ إذَا أَجَّرَ إنْسَانًا فَهَرَبَ وَمَالُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ حَتَّى ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُأَقَرَّ بِأَرْضٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا وَقْفٌ وَكَذَّبَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ، وَقَدْ كَتَبْنَا نَظَائِرَهَا فِي الْإِقْرَارِ

وَقَعَتْ حَادِثَةٌ، وَقَفَ الْأَمِيرُ عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً دُونَ الْإِنَاثِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ صُرِفَ إلَى كَذَا فَهَلْ قَوْلُهُ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً قَيْدٌ لِلْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ حَتَّى لَا تَسْتَحِقَّ أُنْثَى وَلَا وَلَدُ أُنْثَى؟ أَمْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَبْنَاءِ دُونَ الْآبَاءِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ، وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ؟ أَمْ هُوَ قَيْدٌ لِلْآبَاءِ دُونَ أَبْنَاءٍ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ وَلَوْ كَانَ أُنْثَى؟ فَأَجَبْتُ هُوَ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُ الْوَصْفِ بَعْدَ مُتَعَاطِفَيْنِ لِلْأَخِيرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ} وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَقْصُودَهُ حِرْمَانُ

<<  <   >  >>