للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السُّلْطَانَ

وَيَقُولُوا: لَهُ لَا تُكَلِّفْ قُضَاتَك أَمْرًا، إنْ أَطَاعُوك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُ الْخَالِقِ، وَإِنْ عَصَوْك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُك إلَى آخِرِ مَا فِيهَا.

لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ، فَلَوْ قَالَ: رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ وَقَعْت فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ أَبْطَلْت حُكْمِي لَمْ يَصِحَّ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا إذَا كَانَ مَعَ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ.

وَفِي الْكَنْزِ بِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ (انْتَهَى) .

إلَّا فِي مَسَائِلَ:

الْأُولَى: إذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ اسْتِنْبَاطًا مِنْ تَقْيِيدِ الْخُلَاصَةِ بِالْبَيِّنَةِ.

الثَّانِيَةُ: إذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ نَقْضُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَدَّلَ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِ.

الثَّالِثَةُ: إذَا قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ دُونَ غَيْرِهِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ.

أَمْرُ الْقَاضِي حُكْمٌ كَقَوْلِهِ سَلِّمْ الْمَحْدُودَ إلَى الْمُدَّعِي، وَالْأَمْرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ، وَالْأَمْرُ بِحَسْبِهِ، إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ؛ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَحْتَاج بَعْضُ قَرَابَةِ الْوَاقِفِ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِأَنْ يُصْرَفَ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ إلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْفَتْوَى، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ صَحَّ.

فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمٌ مِنْهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ ابْنِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ.

وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ وَصِيٍّ أَقَامَهُ فَمَذْكُورَةٌ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ فَصْلِ (تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي فِي مَالِ الْيَتِيمِ) فَقَالَ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْقَاضِي مَا لَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَكَذَا عَكْسُهُ، وَأَمَّا مَا شَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَقَبِلَهُ وَصِيُّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَلَوْ وَصِيًّا مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي (انْتَهَى) .

وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي مَا وَقَفَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغُرَمَائِهِ ثُمَّ ظَهَرَ مَالٌ آخَرَ لِلْمَيِّتِ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَيَشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَرْضًا تُوقَفُ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ إذَا بَاعَ الثُّلُثَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِقِيمَةِ الثُّلُثَيْنِ أَرْضًا تُوقَفُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي حُكْمٌ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ

كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ، إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَعْطَى فَقِيرًا مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ، كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِيمَا إذَا أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلْقَاضِي فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي كَانَ

<<  <   >  >>