للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُجْزِيهِ

كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الذَّخِيرَةِ، وَهَذَا إذَا ذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا ذَبَحَهَا عَنْ مَالِكِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُضْحِيَّةُ بِالنِّيَّةِ؟ قَالُوا: إنْ كَانَ فَقِيرًا وَقَدْ اشْتَرَاهَا بِنِيَّتِهَا تَعَيَّنَتْ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَمْ تَتَعَيَّنْ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ مُطْلَقًا فَيَتَصَدَّقُ بِهَا الْغَنِيُّ بَعْدَ أَيَّامِهَا حَيَّةً.

وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهَا مَقَامَهَا، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ.

قَالُوا: وَالْهَدَايَا كَالضَّحَايَا وَأَمَّا الْعِتْقُ فَعِنْدَنَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا عِبَادَةَ لَهُ.

فَإِنْ نَوَى وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ عِبَادَةً مُثَابًا عَلَيْهَا، وَإِنْ أَعْتَقَ بِلَا نِيَّةٍ صَحَّ وَلَا ثَوَابَ لَهُ إنْ كَانَ صَرِيحًا. وَأَمَّا الْكِنَايَاتُ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ النِّيَّةِ فَإِنْ أَعْتَقَ لِلصَّنَمِ أَوْ لِلشَّيْطَانِ صَحَّ وَأَثِمَ.

وَإِنْ أَعْتَقَ لِأَجْلِ مَخْلُوقٍ صَحَّ، وَكَانَ مُبَاحًا لَا ثَوَابَ وَلَا إثْمَ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّصَ الْإِعْتَاقُ لِلصَّنَمِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ كَافِرًا، أَمَّا الْمُسْلِمُ إذَا أَعْتَقَ لَهُ قَاصِدًا تَعْظِيمَهُ كَفَرَ، كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِعْتَاقُ لِمَخْلُوقٍ مَكْرُوهًا.

وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِنَايَةُ كَالْعِتْقِ. وَأَمَّا الْجِهَادُ، فَمِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ خُلُوصِ النِّيَّةِ

وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَكَالْعِتْقِ إنْ قَصَدَ التَّقَرُّبَ فَلَهُ الثَّوَابُ، وَإِلَّا فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَقَطْ.

وَأَمَّا الْوَقْفُ فَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْكَافِرِ، فَإِنْ نَوَى الْقُرْبَةَ فَلَهُ الثَّوَابُ، وَإِلَّا فَلَا

وَأَمَّا النِّكَاحُ فَقَالُوا إنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِبَادَاتِ حَتَّى أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِمَحْضِ الْعِبَادَةِ، وَهُوَ عِنْدَ الِاعْتِدَالِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ؛ وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ إعْفَافَ نَفْسِهِ وَتُحْصِينَهَا وَحُصُولَ وَلَدٍ.

وَفَسَّرْنَا الِاعْتِدَالَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ شَرْحِ الْكَنْزِ، لَمْ تَكُنْ النِّيَّةُ فِيهِ شَرْطُ صِحَّتِهِ، قَالُوا: يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ الْهَزْلِ، لَكِنْ قَالُوا حَتَّى لَوْ عَقَدَ بِلَفْظٍ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ فَفِيهِ خِلَافٌ.

وَالْفَتْوَى عَلَى صِحَّتِهِ، عَلِمَ الشُّهُودُ أَوْ لَا، كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَعَلَى هَذَا سَائِرُ الْقُرُبِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ، بِمَعْنَى تَوَقُّفِ حُصُولِ الثَّوَابِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ نَشْرِ الْعِلْمِ تَعْلِيمًا وَإِفْتَاءً وَتَصْنِيفًا. وَأَمَّا الْقَضَاءُ، فَقَالُوا إنَّهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ، فَالثَّوَابُ عَلَيْهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهَا

وَكَذَلِكَ إقَامَةُ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ، وَكُلِّ مَا يَتَعَاطَاهُ الْحُكَّامُ

وَالْوُلَاةُ، وَكَذَا تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا وَأَمَّا الْمُبَاحَاتُ فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ صِفَتُهَا بِاعْتِبَارِ مَا قُصِدَتْ لِأَجْلِهِ.

فَإِذَا قُصِدَ بِهَا التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَاتِ أَوْ التَّوَصُّلُ إلَيْهَا كَانَتْ عِبَادَةً، كَالْأَكْلِ وَالنَّوْمِ وَاكْتِسَابِ الْمَالِ وَالْوَطْءِ وَأَمَّا الْمُعَامَلَاتُ فَأَنْوَاعٌ: فَالْبَيْعُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا، وَكَذَا الْإِقَالَةُ وَالْإِجَارَةُ، لَكِنْ قَالُوا: إنْ عَقَدَ بِمُضَارِعٍ لَمْ يُصَدَّرْ بِسَوْفَ أَوْ السِّينِ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ فَإِنْ نَوَى بِهِ

<<  <   >  >>