للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوما وفزع من القائلة. فقال: يا غلام. انظر من بالباب. هل ترى الحسن ابن علي أو الحسين أو عبد الله بن جعفر أو عبد الله بن أبي أحمد بن جحش فأدخله علي. فخرج الغلام فلم ير منهم أحدا. وسأل عنهم فقيل: هم مجتمعون عند عبد الله بن جعفر يتغدون عنده. فأتاه فأخبره. فقال: والله ما أنا إلا كأحدهم. وقد كنت أجامعهم في مثل هذا. فقام فأخذ عصا فتوكأ عليها وقال: مر يا غلام. فخرج بين يديه حتى دق عليهم الباب. فقال:

هذا أمير المؤمنين. فدخل فأوسع له عبد الله بن جعفر عن صدر فراشه فجلس. فقال: غداءك يا بن جعفر فقال: ما يشتهي أمير المؤمنين من شيء فليدع به. فقال: أطعمنا مخا. فقال: يا غلام. هات مخا. قال: فأتي بصحفة فيها مخ. فأقبل معاوية يأكل. ثم قال عبد الله: يا غلام. زدنا مخا.

فجاء فزاد. ثم قال: يا غلام. زدنا مخا. فزاد ثم قال: يا غلام. زدنا مخا. فقال معاوية: إنما كنا نقول: يا غلام زدنا سخينا (١). فأما قولك يا غلام زدنا مخا فلم أسمع به قبل اليوم. يا ابن جعفر ما يسعك إلا الكثير.

قال: فقال عبد الله بن جعفر: يعين الله (٢) على ما ترى يا أمير المؤمنين.

قال: فأمر له يومئذ بأربعين ألف دينار. قال: وكان عبد الله بن جعفر قد ذبح ذلك اليوم كذا وكذا من شاة وأمر بمخهن فنكت له. فوافق ذلك معاوية.


(١) السخينة: طعام حار يتخذ من الدقيق والسمن. وقيل: الدقيق والتمر. وهو أغلظ من الحساء وأرق من العصيدة. وهو يؤكل في الجدب وقلة الطعام. وكانت قريش تكثر من أكلها فعيرت بها. وقد مازح معاوية الأحنف بن قيس التميمي فقال له:
ما الشيء الملفف في البجاد؟ قال: هو السخينة يا أمير المؤمنين. وكانت تميم تعير به فرد عليه بما تعير به قريش.
والشيء الملفف في البجاد: هو السقاء فيه اللبن يلف ليحمى ويدرك.
(انظر النهاية في غريب الحديث: ١/ ٩٦ و ٢/ ٣٥١).
(٢) في الأصل مكررة.

<<  <  ج: ص:  >  >>