مجال للاجتهاد في تأويل المراد بالآية مع وجود النص من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد أورد نصوصًا توضح موقف بعض الصحابة مثل ابن عباس وابن عمر من الأحداث التي جرت في وقتهم مثل بيعة يزيد، وخروج الحسين وبيعة ابن الزبير، فقد بايع ابن عمر وابن عباس ليزيد بن معاوية ونصحا من لم يبايع بالبيعة والدخول فيما دخل فيه عامة المسلمين مع أنه يوجد في الأمة من هو أفضل من يزيد وأولى بالأمر منه، ولكن لا يتوصل إلى ذلك إلا بارتكاب مفاسد أعظم من المصالح التي تتحقق بتولية الأولى والأفضل، وقد نظرا - رحمهما الله - إلى الأمر نظرة شمولية فارتكبا أقل المفسدتين وجلبا أكبر المصلحتين، وهذا هو منهج وهذا هو منهج الاعتدال الإسلامي في التعامل مع مثل هذه الأحداث، وقد التزما بهذه البيعة ولم يخلعا يزيدا عندما خلعه أهل المدينة، ولما دعاهما ابن الزبير إلى البيعة له بعد موت يزيد قالا له: أنت في زمن فُرقَة وليس عندنا خلاف ولكن ننظر حتى يتم الأمر وتأتسق لك البلاد، كما أنهما لم يبايعا لمروان ولا لعبد الملك - عندما دعيا إلى مبايعة نفسيهما، فتركا الأمر حتى يجتمع الناس على واحد، وهكذا ينبغي أن يكون التعامل مع مثل هذه الأحداث، ينطلق من مبدأ شرعي ملتزم، ونظرة شمولية، توازن بين المصالح والمفاسد، بحيث تتحق أكثر المصالح وتندفع أكبر المفاسد، وما حمد الذين خرجوا موقفهم، وما تحقق ما أرادوا من المصالح إلا بارتكاب ما هو أعظم من المفاسد، ولكنهم مع ذلك اجتهدوا فأخطأوا في اجتهادهم والله يثيب المجتهد وإن أخطأ.