للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إحداهما أنه قال: لو كان ههنا حكم متعين فيما طريقه الاجتهاد لكان التكليف متعلقا بإصابته، ولو كان ذلك لكان عليه دليل قطعي. يفضي إليه، وإلا كان من باب تكليف ما لا يطاق، وقد تقدم امتناعه. ثم أخذ يبين أن الدلائل المستعملة قي الاجتهاد ظنية يحصل عنها النقيضان بالسواء، وإن الترجح فيها إنما هو بحسب ما طبع عليه شخص شخص من الميل في حكم حكم، ونازلة نازلة.

٢٤١ - والقول بمثل هذا كبيرة ومصير إلى التحكم في الشرع - بالأهواء والإرادات، نعوذ بالله من ذلك (١) . بل الأدلة الشرعية، كما تقدم من قولنا، إما قطعية، وإما ظنية أكثرية وجب العمل بها بالأصل المقطوع به. وما كان هكذا فالحكم لا شك يحصل عنها بذاتها، لا بحسب ما طبع عليه إنسان إنسان، بل بحسب دلالتها، ولذلك ما كان من الأدلة مترددا بين النقيضين على السواء سمي في هذه الصناعة مجملآ، ولم يجعل دليلا شرعيا أصلا. وبالجملة القول بأن ليس هنا أدلة يحصل عنها بذاتها الطلب، سواء كانت الأدلة عقلية أو شرعية، هو قول سوفسطائي (٢) جدا، وينبغي أن يتجنب، فإنه عيم الضرر في الشريعة.


(١) يتسم موقفه في البداية بكثير من اللين والمرونة. ولعل أكثر المواضع تعبيرا عن ذلك هو ما ورد في الجزء الثاني ص ١٢٤ حيت قال: "واختلف قول مالك في إجازة السلف والشركة فمرة أجاز ذلك ومرة منعه. وهذه كلها اختلف العلماء فيها لاختلافها بالأقل والأكثر في وجود علل المنع فيها المنصوص عليها، فمن قويت عنده علل المنع في مسألة منها منعها ومن لم تقو عنده أجازها، وذلك راجع إلى ذوق المجتهد لأن هذه المواد يتجاذب القول فيها إلى الضدين على السواء عند النظر فيها ولعل في أمثال هذه المواد يكون القول بتصويب كل مجتهد صوابأ. ولهذا ذهب بعض العلماء قي أمثال هذه المسأله إلى التخيير".
(٢) في الأصل: سوء فسطاني. . .

<<  <   >  >>