٩٩ وقد ذهبت طوائف من الخوارج والمعتزلة والقدرية وبالجملة أهل البدع والزيغ إلى رد شهادتهم وروايتهم بعد ما شجر بينهم الشتات وظهرت الحروب بينهم والخصومات, وذلك عند أهل السنة محمول على أن كل مجتهد إما غير مأثوم وإما مصيب بحسب الرأيين. وذهب قوم من أهل السنة أن قتلة عثمان مخطئون قطعا, لكن جهلوا خطأهم, وكانوا متأولين. والفاسق المتأول لا ترد شهادته على رأي الأكثر.
١٠٠-وقد بقي علينا من القول في الخبر الواحد القول في كيفية نقل الراوي عن مرويه, وذلك يتصور وقوعه على خمس مراتب:
١٠١-المرتبة الأولى: قراءة الشيخ عليه ليحدث عنه, وبذلك يصح قوله على الحقيقة حدثنا وأخبرنا وسمعته, وهي أعلى المراتب.
١٠٢-المرتبة الثانية: أن يقرأ على الشيخ وهو ساكت. فهذا خالف فيه بعض أهل الظاهر, لكن عند الأكثر سكوته وإقراره إياه يتنزل منزلة قوله. هذا إذا كان بحيث لا يخال سكوته لغفلة أو إكراه أو ما أشبه ذلك. إلا أنهم اختلفوا هل يقول حدثنا مطلقا, أو سمعت فلانا. والصحيح أنه لا يجوز, لأن ذلك كذب محض, إلا أن يعلم بقرينة حال منه أو تصريح أنه يريد بذلك القراءة على الشيخ.
١٠٣-المرتبة الثالثة: الإجازة, وهو أن يقول أجيز لك أن تروي عني الكتاب الفلاني, أو ما صح عندك من تعيين مسموعاتي. ولا يجوز في مثل هذا إطلاق القول بحدثنا أو أخبارنا إلا تجوزا.
١٠٤-المرتبة الرابعة: المناولة, وصورتها أن يقول الشيخ خذ هذا الكتاب وحدث به عني. ومجرد المناولة دون اللفظ لا معنى له,