للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس (١)

ومن عادة العرب أن تقول: ما في الدار رجل إلا امرأة. وبالجملة فهو في كلامهم مشهور وموجود كثيرا. والفرقة الأولى دفعوا ذلك من جهة النظر، والثانية تمسكوا بالوجود ولم يقدروا أن يعطوا الجهة التي بها يصح ذلك في الكلام بما هو معروف من عادة العرب وينحل بها الشك المتقدم.

١٨٦ - ونحن نقول في ذلك: إن من عادة العرب، كما تقدم، إبدال الكلي مكان إلجزئي، والجزئي مكان الكلي اتكالا على القرائن وتجوزا. فالأعرابي مثلا إذا قال: ما في الدار رجل أمكن أن يفهم عنه فما سواه، فلذلك استثنى فقال: إلا امرأة، وكذلك قوله: وبلدة ليس بها أنيس. وعلى هذا الوجه الذي قلناه ليس يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه. لكن الفرق بينه وبين الأول أن ذلك استثناء من عموم ما اقتضاه اللفظ بصيغته، وهذا من عموم ما اقتضاه اللفظ بمفهومه لا بصيغته. وإذا تصفحت المواضع الواقع فيها مثل هذا الاستثناء وجدتها علي ما قلناه، وإلا كان خلفا في القول وهذرا لا تصح بمثله محاورة (٢) .


(١) هذا الرجز لجران العود - واسمه عامر بن الحارث - في ديوانه ص ٥٢، وروايته كالتا لي: بسابسا ليس به أنيس ... إلا اليعافيروالعيس
وورد كذلك في المقتصد لعبد القاهر الجرجانى ١/٧٢٠. . . . قال الجرجانى: " (انما نصب لأن الأواري ليست من جس أحد، وهى أبعد من اليعافير والعمار، لان اليعافير حيوان كالآدميين فهناك أدنى مشابهة وليس الأواري بحيوان ". . . . (عبد العزرز الساوري) .
(٢) ورد هذا النص في "البحر المحيط في أصول الفقه " للزركشي ٣/٢٨٠، وعلق عليه بقوله: "وقد حل هذا الشك القاضى أبو الوليد بن رشد" أو "وقد انفرد بحل هذا الشك "،، أنظر حاشية ص٢١ هامش رقم (ا) من المطبوع. (عبد العزيز الساورى) .

<<  <   >  >>