وفي بدائع الصنائع (١/ ٤٣٠) مثله. قلت: فإن كان انتزعه من إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة كما ثبت في البخاري عن ابن عباس، فقد أطلق جماعة من أهل العلم عدم إقامته الجمعة في سفره، ولو قدر أنه أقام الجمعة فغاية ما في الأمر أنه إمام فيها، وإلا فهي قائمة مفروضة على أهل مكة، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - شاهدًا لها فمن الذي سيتقدم بين يديه في إقامتها، وكذلك هو - صلى الله عليه وسلم - إمام المسلمين. ولهذا قال السرخسي في المبسوط (٢/ ١٣٠) ما نصه: «ولو أن أمير الموسم جمع بمكة وهو مسافر جاز، لأنه فوض إليه أمر المسلمين» اهـ. ومراده في (الموسم): الحج، والجهاد مثله، ومعلوم أن شهود المسافر المستقر للجمعة أفضل وأعظم أجرًا، حيث لا مشقة لكن الكلام في الوجوب. وقد عقد عبد الرزاق (٣/ ٣٦٠) باب الإمام يجمع حيث كان، وذكر آثارًا عن السلف.
والصحيح في هذا المسألة أن الإمام له أن يتولى إقامة الجمعة في البلد الذي يمر به أو ينيب غيره لا أنه تلزمه الجمعة حيث كان إذا كان مسافرًا.