للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقوال أهل العلم:

قال الشافعي - رحمه الله - في الأم (١/ ٣٢٧): (وليس على المسافر أن يمر ببلد جمعة إلا أن يجمع فيه مقام أربع، فتلزمه الجمعة إن كانت في مقامه) اهـ.

وقال ابن المنذر - رحمه الله - في الأوسط (٤/ ٢٠): (ومما يحتج به في إسقاط الجمعة عن المسافر؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مر به في أسفاره جمع لا محالة فلم يبلغنا أنه جمع (١)

وهو مسافر، بل أنه ثبت عنه أنه صلى الظهر بعرفة، وكان يوم الجمعة فدل ذلك من فعله على أنه لا جمعه على المسافر؛ لأنه المبين عن الله - عز وجل - معنى ما أراد بكتابه فسقطت الجمعة عن المسافر استدلالًا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كالإجماع من أهل العلم؛ لأن الزهري مختلف في هذا الباب حكي الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أنه قال: لا جمعة على المسافر، وإن سمع المسافر أذان الجمعة وهو في بلد فليحضر معهم، يحتمل أن يكون أراد استحبابًا ولو أراد غير ذلك كان قولًا شاذًّا خلاف قول أهل العلم وخلاف ما دلت عليه السنة). اهـ.


(١) قلت: ذكر ابن الهمام فتح القدير (٢/ ٣٣) ما نصه: «وفي الكافي صح أنه - صلى الله عليه وسلم - أقام الجمعة بمكة مسافرًا» اهـ.
وفي بدائع الصنائع (١/ ٤٣٠) مثله.
قلت: فإن كان انتزعه من إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة كما ثبت في البخاري عن ابن عباس، فقد أطلق جماعة من أهل العلم عدم إقامته الجمعة في سفره، ولو قدر أنه أقام الجمعة فغاية ما في الأمر أنه إمام فيها، وإلا فهي قائمة مفروضة على أهل مكة، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - شاهدًا لها فمن الذي سيتقدم بين يديه في إقامتها، وكذلك هو - صلى الله عليه وسلم - إمام المسلمين.
ولهذا قال السرخسي في المبسوط (٢/ ١٣٠) ما نصه: «ولو أن أمير الموسم جمع بمكة وهو مسافر جاز، لأنه فوض إليه أمر المسلمين» اهـ.
ومراده في (الموسم): الحج، والجهاد مثله، ومعلوم أن شهود المسافر المستقر للجمعة أفضل وأعظم أجرًا، حيث لا مشقة لكن الكلام في الوجوب.
وقد عقد عبد الرزاق (٣/ ٣٦٠) باب الإمام يجمع حيث كان، وذكر آثارًا عن السلف.

والصحيح في هذا المسألة أن الإمام له أن يتولى إقامة الجمعة في البلد الذي يمر به أو ينيب غيره لا أنه تلزمه الجمعة حيث كان إذا كان مسافرًا.

<<  <   >  >>